ثم ساق حديث سفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا لأَحَدِهِمْ يَقُولُ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ".
الشرح:
حديث عائشة سلف في الشهادات (¬1).
وقوله: (تابعه علي بن مسهر وعبدة، عن هشام) يريد: تابعا عيسى بن يونس، ويريد بمتابعة علي ما رواه في "صحيحه" من حديث بشر بن آدم، عن علي بن مسهر، عن هشام (¬2). ومتابعة عبدة أخرجها مسلم عن ابن نمير عن عبدة وأبي معاوية؛ كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه عنها (¬3)، وقد سلف الكلام على ذلك قريبًا، وقد نطق القرآن بإضافة النسيان إلى العبد أيضًا في قوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)} وشهد ذلك بصدق حديث عائشة السالف أنه - عليه السلام - قال: "يرحمه الله كنت أنسيتها" إلى آخره (¬4)، فأضاف الإسقاط إلى نفسه، والإسقاط هو النسيان بعينه، وحديث عبد الله بخلاف هذا، فاستحب - عليه السلام - أن يضيف النسيان إلى خالقه، وقد جاء في القرآن عن فتى موسى - عليه السلام - أنه أضاف النسيان مرة إلى نفسه، وأخرى إلى الشيطان كما سلف.
وفي الحديث "وإني لأنسى أو أُنَسّى لأسن" (¬5) يعني إني لأنسى أنا
¬__________
(¬1) برقم (2655).
(¬2) سيأتي قريبًا برقم (5042) باب: من لم ير بأسًا أن يقول.
(¬3) مسلم (788/ 225).
(¬4) سبق تخريجه قريبًا.
(¬5) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 100 بلاغًا. رواية يحيى. قال ابن عبد البر: هذا الحديث بهذا اللفظ، لا أعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجه من الوجوه مسندًا =