قال أبو عمر: وإذا كانت ثيبًا كان حديثًا مجتمعًا على صحته والقول به؛ لأن القائلين: لا نكاح إلا بولي، يقولون: إن الثيب لا يزوجها أبوها ولا غيره من أوليائها إلا بإذنها. ومن قال: ليس للولي مع الثيب أمر. فهو أحرى باستعمال هذا الحديث. وكذلك الذين أجازوا عقد النكاح بغير ولي (¬1).
وروى النسائي من حديث الثوري، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن عبد الله بن يزيد، عن خنساء بنت خذام قالت: أنكحني أبي وأنا كارهة وأنا بكر، فشكوت ذَلِكَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تنكحها وهي كارهة" (¬2).
وعزاها عبد الحق إلى أبي داود أيضًا (¬3)، وليس كذلك فالذي فيه كما في البخاري (¬4)، وقد يجاب عن هذِه الرواية بأنه يجوز أن يكون الراوي أخبر بما شاهد من العقد عليها وأخبرت هي بحقيقة الأمر، وهو عدم الدخول بها.
فصل:
جاء في رواية أنها قالت: يا رسول الله (إن) (¬5) عم ولدي أحب إليَّ منه (¬6) -يعني: أبا لبابة- وذلك مجاز؛ لأنها إذا نكحت عمهم جمعت شملهم.
¬__________
(¬1) "الاستذكار" 16/ 208.
(¬2) "السنن الكبرى" 3/ 282 - 283 (5382).
(¬3) "الأحكام الوسطى" 3/ 144.
(¬4) انظر: "سنن أبي داود" (2101).
(¬5) في الأصول: (ابن) والصحيح ما أثبتناه كما في "المصنف" لعبد الرزاق 6/ 148.
(¬6) رواه عبد الرزاق في "المصنف" 6/ 148 (10309).