كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)

وفي حديث آخر عن أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - أشبع المسلمين خبزًا ولحمًا في وليمة زينب. وقد روى مالك، عن يحيى بن سعيد أنه قال: لقد بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يولم بالوليمة ما فيها خبز ولا لحم (¬1).
وهذِه الوليمة كانت على صفية بنت حيي في السفر مرجعه من خيبر، قيل لأنس: فبأي شيء أولم؟ قال: بسويق وتمر.
قلت: قوله: (ولا أعلم). إلى آخره قد علمه غيره.
فللشافعي قول أنها واجبة، وقد أسلفناه عن أحمد أيضًا (¬2)، وهو مشهور مذهب مالك كما قاله القرطبي (¬3). وفي حديث ابن بريدة، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا علي، لابد للعرس من وليمة" (¬4).
وقال ابن حزم: فرض على كل من تزوج أن يولم بما قل أو كثر.
قال: وهو قول أبي سليمان وأصحابنا (¬5).
وما أسلفناه عن أحمد ذكره ابن التين.
وأما ابن قدامة فقال في "المغني": يستحب لمن تزوج أن يولم ولو
¬__________
(¬1) "الموطأ" ص 338.
(¬2) سبق بيانه أن ذلك لم يثبت عن أحمد.
(¬3) الذي في "المفهم" 4/ 136 أن مشهور مذهب مالك أن الوليمة مندوب إليها، لا أنها واجبة.
(¬4) رواه أحمد في "المسند" 5/ 359، و"فضائل الصحابة" (1178)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (259) والدولابي في "الذرية الطاهرة النبوية" (94)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3017)، والطبراني في "الكبير" 2/ 20 (1153)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 36/ 437.
قال الهيثمي في "المجمع" 9/ 209: رواه الطبراني والبزار ورجالهما رجال الصحيح غير عبد الكريم بن سليط وثقه ابن حبان. اهـ.
وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 230: سنده لا بأس به. اهـ.
(¬5) "المحلى" 9/ 450.

الصفحة 509