كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)
بشاة. ولا خلاف بين أهل العلم في أن الوليمة في العرس سنَّة مشروعة، وليس بواجبة في قول أكثر أهل العلم. وقال بعض أصحاب الشافعي: هي واجبة؛ لأنه - عليه السلام - أمر بها عبد الرحمن؛ ولأن الإجابة إليها واجبة، فكانت واجبة. ولنا أنه طعام لسرورٍ حادث فأشبه سائر الأطعمة، والخبر محمول على الاستحباب؛ بدليل ما ذكرنا وكونه أمر بشاة، (فلا) (¬1) خلاف أنها لا تجب، وما ذكروه من المعنى لا أصل [له] (¬2)، ثم هو باطل (¬3).
فرع:
الإجابة إليه فرض عين، وقيل: كفاية. وقيل: سنة.
قال ابن حزم: فرض على من دعي إلى وليمة أو طعام فليجب، إلا من عذر، فإن كان مفطرًا ففرض عليه أن يأكل، فإن كان صائمًا فليدع الله لهم.
قال: فإن قلت: فقد رويتم من طريق سفيان -يعني الحديث المخرج عند مسلم- عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا: "إذا دعي أحدكم إلى طعامٍ فليجب، فإن شاء طعم، وإن شاء ترك" (¬4).
قلت: أبو الزبير لم يذكر في هذا أنه سمعه من جابر، ولا هو من رواية الليث عنه؛ فبطل الاحتجاج به، ولو صح لكان الخبر الذي فيه إيجاب الأكل زائدًا على هذا، وزيادة العدل مقبولة لا يحل تركها. وعنده أن الأكل واجب (¬5).
¬__________
(¬1) في الأصل: (ولا)، والمثبت من "المغني"، وأشار محققه أنها في غير الأصل (ولا).
(¬2) ليست في الأصل، وأثبتها من "المغني".
(¬3) "المغني" 9/ 192، 193.
(¬4) مسلم (1430).
(¬5) "المحلى" 9/ 450، 451.
الصفحة 510
630