كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)
وقال عياض: لم يختلف العلماء في وجوب الإجابة في وليمة العرس، واختلفوا فيما عداها.
قلت: قاله قبله أبو عمر أيضًا (¬1)، أجمعوا على وجوب الإتيان إلى الوليمة في العرس، واختلفوا فيما سوى ذَلِكَ، والخلاف ثابت في مذهبنا كما سلف.
قال عياض: ولا خلاف أنه لا حد لأقلها ولا لأكثرها.
وقال المهلب: اختلاف فعله - صلى الله عليه وسلم - في هذِه الولائم المختلفة يدل على أنه يجب على قدر الشأن في ذَلِكَ الوقت.
وفي البخاري في باب: من أولم بأقل من شاة أيضًا أنه أولم على بعض نسائه بمدين من شعير (¬2)، وعلى زينب بشاة (¬3)، وعلى صفية فيما ذكره ابن أبي حاتم، عن جابر: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي طرف ردائه نحو من مد ونصف تمر عجوة، فقال: "كلوا من وليمة أمكم" (¬4).
وعند أبي الشيخ من حديث علي بن يزيد، عن أنس - رضي الله عنه -: شهدت عرسات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم أر فيها عرسًا أفضل من عرس صفية، جيء بكبش من الخمس ودقيق شعير، فأكلنا، وسائر عرساته يبسط لنا نطع فينثر عليه زبيب أو تمر، فنأكل.
وقد أسلفنا أن الوليمة على صفية لم يكن فيها لحم، إنما هو الحيس فيما رواه البخاري وغيره، وعند ابن حبان: بسويق وتمر (¬5).
¬__________
(¬1) "الاستذكار" 16/ 353.
(¬2) سيأتي برقم (5172).
(¬3) سياتي برقم (5168).
(¬4) "العلل" 1/ 419.
(¬5) ابن حبان 9/ 368.
الصفحة 511
630