كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)

وليس في قوله لعبد الرحمن بن عوف: "أولم ولو بشاة" منعًا لما دون ذَلِكَ، وإنما جعل الشاة غاية في التقليل؛ ليساره وغناه، وأنها مما يستطاع عليها ولا تجحفه؛ ألا ترى أنه أولم على صفية بحيس كما سلف ليس فيها خبز ولا لحم، وأولم على غيرها بمدين من شعير، ولو وجد حينئذٍ شاة لأولم بها؛ لأنه كان أجود الناس وأكرمهم.
قلت: ويحتمل أنه قال له ذَلِكَ لعسر الصحابة حين هجرتهم، وكان أول قدومه، فلما توسعوا بفتح خيبر وشبه ذَلِكَ أولم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحيس وشبهه؛ ليبين الجواز. ويؤخذ من حديث ابن عوف الوليمة بعد البناء مطلقًا غير مقيدة وقد سلف ويأتي.
فصل:
حقيقة الوليمة: الطعام المتخذ للعرس مشتقة من الولم، وهو الاجتماع لاجتماع الزوجين، قاله الأزهري وغيره (¬1).
قال ابن الأعرابي: أصلها تمام الشيء واجتماعه، والفعل منه: أولم.
وفي "المحكم": هي طعام العرس والإملاك. وقيل: هي كل طعام صنع لعرس، وغيره (¬2). قال الشافعي: كل دعوة دعي إليها رجل، والختان، وحادث سرور من تركها لم يبن لي أنه عاص كما تبين في وليمة العرس، قال: ولا أحفظ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أجاب إلى دعوة في غير وليمة، ولا أعلمه أولم على غير عرس (¬3).
¬__________
(¬1) "تهذيب اللغة" 4/ 3954، "المجمل" 2/ 938.
(¬2) "المحكم" 12/ 99.
(¬3) "الأم" 6/ 178.

الصفحة 512