كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)

والمراد بإجابة الداعي في العرس، قال مالك: ذَلِكَ في العرس خاصة؛ لإفشاء النكاح، وكره لأهل الفضل أن يجيبوا للطعام يدعون إليه، يريد في غير العرس (¬1).
وهو ما اختلف فيه العلماء في غير العرس من الدعوات، فقال مالك والثوري وأبو حنيفة وأصحابه: يجب إتيان وليمة العرس، ولا يجب إتيان غيرها من الدعوات.
وقال الشافعي: إجابة وليمة العرس واجبة، ولا أرخص في ترك غيرها مثل: النفاس، والختان، وحادث سرور. ومن تركها فليس بعاصٍ (¬2).
وقال أهل الظاهر: كل دعوة فيها طعام واجب (¬3).
حجتهم حديث أبي موسى والبراء - رضي الله عنهما -، وهما عامَّان في كل دعوة، وتأوله مالك والكوفيون على العرس خاصة؛ بدليل حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه - عليه السلام - قال: "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها". وأخرجه مسلم أيضًا.
وفي رواية له: "إذا دعي أحدكم فليجب، عرسًا كان أو نحوه". وله: "إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا" (¬4).
ولابن ماجه: "إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب" (¬5).
¬__________
(¬1) انظر: "النوادر والزيادات" 4/ 570 - 571.
(¬2) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 2/ 292، "الاستذكار" 16/ 351 - 352، "الأم" 6/ 178.
(¬3) انظر: "المحلى" 9/ 450.
(¬4) مسلم (1429) كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة.
(¬5) ابن ماجه (1914).

الصفحة 525