كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)

وحديث أبي الشعثاء عن أبي هريرة أنه رأى رجلًا خارجًا من المسجد بعد الآذان فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم (¬1)، ومثل هذا لا يكون رأيًا، وإنما كان توقيفًا، نبه على ذلك ابن بطال (¬2)، ومثله حديث عمار: "من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم" (¬3)، وكذا قال ابن عبد البر: ظاهره أنه موقوف من رواية الجمهور من أصحاب مالك، إلا أن قوله: (فَقَدْ عَصَى الله وَرَسُولَهُ). يقتضي رفعه عندهم، وقد رواه (روح بن القاسم) (¬4) عن مالك فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بئس الطعام طعام الوليمة" الحديث، ورواه معمر عن الزهري عن ابن المسيب والأعرج عن أبي هريرة.
قال عبد الرزاق: وربما قال معمر في هذا الحديث: ومن لم يأت الدعوة، فقد عصى الله ورسوله (¬5).
قال أبو عمر: وحديث أبي هريرة هذا مسند عندهم إلا رواية من رواه مرفوعًا بغير إشكال مما يشهد لما ذكرنا (¬6).
ولأبي الشيخ: قال إبراهيم بن بشار الرمادي: قالوا لسفيان: هذا مرفوع. قال: لا، ولكن فيه: فقد عصى الله ورسوله.
¬__________
(¬1) رواه مسلم (665) كتاب المساجد، باب النهي عن الخروج من المسجد إذا أذن المؤذن.
(¬2) "شرح ابن بطال" 7/ 289.
(¬3) سبق تخريجه في كتاب الصوم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الهلال فصوموا".
(¬4) في الأصول: روح وابن القاسم، وهو خطأ والمثبت هو الصواب، وهو روح بن القاسم التميمي العنبري، أبو غياث البصري.
انظر ترجمته في: "تهذيب الكمال" 9/ 252 - 254.
(¬5) عبد الرزاق 10/ 447 - 448 (19662).
(¬6) "الاستذكار" 16/ 439 - 351.

الصفحة 532