كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)

والتأسي بأهل الإحسان من كل أمة، ألا ترى أن أم زرع أخبرت عن أبي زرع بجميل عشرته فتمثله الشارع.
وفيه: جواز تذكير الرجل امرأته بإحسانه إليها؛ لأنه لما جاز من النساء كفران العشير جاز تذكيرهن بالإحسان.
الوجه السادس:
قول المرأة الأولى: (زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ، غَثٌّ). أي: مهزول، يقال: غث يغث، والغث: الفاسد من الطعام، والأصل هنا: الهزيل؛ لقولها بعد: (لَا سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ). قال أبو سعيد النيسابوري: ليس شيء من الغثاث من الأزواج الثمانية هو أخبث غثاثة من الجمل؛ (لأنه) (¬1) يجمع خبث طعم وخبث ريح، حتى ضرب به المثل (¬2).
وقولها: (على رأسِ جَبَلٍ) قال أبو عبيد: تصف قلة خيره وبعده مع القلة، كالشيء في (قبة) (¬3) الجبل الصعب لا ينال إلا بالمشقة؛ لقولها: (لَا سَهْل فَيُرْتَقَى) يعني: الجبل (ولا سمين فينتقى) (¬4) يعني: يستخرج نِقْيه، بكسر النون وسكون القاف، وهو: المخ. ومن روى: (فينتقل)، يريد: ليس سمين فينقله الناس إلى بيوتهم فيأكلونه، بل يتركونه رغبة عنه (¬5) كرواية (¬6). وصفت زوجها بالبخل، وقلة الخير،
¬__________
(¬1) من (غ).
(¬2) انظر: "شرح ابن بطال" 7/ 299.
(¬3) في هامش (س): لعله قمة.
(¬4) من (غ).
(¬5) "غريب الحديث" 1/ 366.
(¬6) كذا بالأصول، وفيه سقط، ولعله يكون: (كرواية: ولا له عندي معول). وهذِه الرواية قد ذكرها القاضي في "بغية الرائد" ص 7 بعد قولها: ولا سمين فينتقل.

الصفحة 569