كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)
وبُعْده من أن ينال خيره مع قلته -كما أسلفناه- كاللحم الهزيل المنتن الذي يزهد فيه فلا يطلب، فكيف إذا كان على رأس جبل صعب وعر لا ينال إلا بمشقة. وذهب الخطابي إلى أن تمثيلها بالجبل الوعر إشارة إلى سوء خلقه والذهاب بنفسه وترفيعها تِيْهًا وكِبْرًا. تريد: مع أنه مع قلة خيره يتكبر على عشيرته، فيجمع إلى البخل سوء الخلق (¬1)، وهو تشبيه الجلي بالخفي، والتوهم بالمحسوس، والحقير بالخطير.
قال عياض: ويجوز في (غث) الرفعُ وصفًا لـ (لحم)، والكسر وصفًا للجمل، وقد روي بالوجهين، ومنهم من رواه: (لحم غث). بالرفع على ما تقدم، وبالكسر على الإضافة بتقدير حذف (جمل) وإقامة وصفه مقامه.
وقوله (¬2): (لَا سَهْلٍ فَيُرْتَقَى). يجوز فيه ثلاثة أوجه، كلها مروية: نصب (لا سهل) دون تنوين، ورفعها، وخفضها منونة. وأَعْرَبُهَا عندي الرفع في الكلمتين (¬3).
واستدل بعض العلماء من هذا أن ذكر السوء والعيب إذا ذكره أحد فيمن لا يعرف بعينه واسمه أنه ليس بغيبة، وإنما الغيبة أن يقصد معينًا بما يكره؛ لأنه - عليه السلام - قد حكى عن بعض هؤلاء النسوة ما ذكرنه من عيب أزواجهن، ولا يحكي عن نفسه أو غيره إلا ما يجوز ويباح، ذكره الخطابي (¬4).
¬__________
(¬1) "أعلام الحديث" 3/ 1988.
(¬2) كذا في الأصول، وصوابها قولها.
(¬3) "بغية الرائد" ص 48.
(¬4) "أعلام الحديث" 3/ 2000. "بغية الرائد" ص 48.
الصفحة 570
630