كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)

زافى في رواية: (والغيث غيث غمامة) (¬1). أي: جوده ينهل، فيحيي به الأنام كغيث الغمام (¬2).
الوجه العاشر:
قول الخامسة: (فَهِدَ) -بفتح الفاء وكسر الهاء. وقد تسكن- تصفه إذا دخل البيت بكثرة النوم، والغفلة في منزله على وجه المدح له؛ لأن الفهد كثير النوم، يقال: أنوم من فهد. وأَسِد -بفتح الهمزة وكسر السين- وَصفٌ له بالشجاعة، ومعناه: إذا صار بين الناس أو خالط الحرب كان كالأسد، يقال: أسد واسْتَأْسَد بمعنى، وَصَفَتْهُ بالصفة الغالبة على هذين الحيوانين من السلاطة (¬3) والسكون في حال الخلوة، والعرب تمتدح بذلك قال:
أسد ضار إذا هيجته ... وأب برّ إذا ما قدرا
يعلم الأقصى إذا استغنى ... ولا يعلم الأدنى إذا ما افتقرا
ومن هذا المعنى قوله:
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه ... إذا هو ما استغنى ويبعد بالفقر
وكان عليّ إذا سمعه يقول: ذاك طلحة بن عبيد الله (¬4).
وقولها: (وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ) أي: لا يتفقد ما ذهب من ماله، ولا يلتفت إلى معايب البيت وما فيه، كأنه ساهٍ عن ذلك، يوضحه قولها: (وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ) يعني: عما كان عندي قبل ذلك.
¬__________
(¬1) رواها الزبير بن بكار في "الأخبار الموفقيات" ص 462، ومن طريقه الخطيب في "الأسماء المبهمة" ص 529.
(¬2) انظر: "بغية الرائد" ص 69.
(¬3) السلاطة: القهر، وقيل: هو التمكن من القهر. "تاج العروس" 10/ 294.
(¬4) انظر: "الاستيعاب" 2/ 320 - 321.

الصفحة 576