كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)

قال عياض: قولها هذا يقتضي تفسيرين لعهد: عهد قبل، فهو يرجع إلى تفقد المال، وعهد الآن فهو بمعنى الإغضاء عن المعايب والاحتمال. وقال ابن أبي أويس: تقول إن دخل وثب عليَّ وثوب الفهد، وإن خرج كان كالأسد جُرْأَة وإقدامًا. بقولها هذا يحتمل أن تريد به البطش بها والضرب لها، أو تريد به المبادرة إلى جماعها، وكثرة الحظ من استمتاعها دون ملاعبتها، وتقديم الإيناس. قال ابن حبيب: وصفته بأنه في اللين والدعة والغفلة كالفهد، ولم ترد النوم.
قال عياض: وقد ظهر لي فيه وجه آخر مع صحة ما ذكروه، وذلك أنه يتوقف قولها: (فَهِدَ) على الاشتقاق من خلق الفهد، والمثل المضروب به في النوم. وفي الفهد أيضًا مثل آخر ذكره أصحاب الأمثال، كما ذكروا الأول، وهو قولهم: أكسب من فهد. قال أبو عبد الله حمزة الأصبهاني في "شرح الأمثال": وذلك أن الفهود الهرمة التي تعجز عن الصيد تجتمع على فهد فتي، فيصيد عليها كل يوم شبعها، فلا يمنع أن يكون قولها: (إذا دَخَلَ فَهِدَ). أي: إذا جاء المنزل جاء بالكسب والخير والفوائد كما يفعل الفهد في كسبه، ولا فرق بين هذا وبين الأول، إذ كل واحد منهما إنما اشتق من خلق الفهد. وكانت العرب تتمادح بالكسب والاستفادة. قال عياض: هذا التأويل عندي لا يبعد، وإن كان الأول أظهر وأليق بالكلام، لمطابقة لفظه ومعناه (¬1).
الوجه الحادي عشر:
قول السادسة اللَّف في المطعم: الإكثار منه مع التخليط من صنوف استقصائه حتى لا يبقي منه شيئًا، فمعنى (لف): قمش صنوف الطعام
¬__________
(¬1) "بغية الرائد" ص 70 - 71، 73 - 74.

الصفحة 577