كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)

وقال ابن فارس: العِيُّ خلاف البيان، يقال: رجل عيي وعياياء، وفحل عياياء إذا لم يهتد للضراب، قال: والطباقاء من الرجال: العيي، ومن الأبل: الذي لا يحسن الضراب (¬1)، جعله مثل عياياء، فكأنه كرره لما اختلف اللفظ مثل بعدًا وسحقًا، وعبس وبسر.
وقال القاضي عياض: قول أبي عبيد أن الغياياء -بالمعجمة- ليس بشيء ولم يفسره، وتابعه على ذلك سائر الشراح، فقد ظهر لي فيه معنى صحيح -إن شاء الله- في اللغة، بَيِّنٌ في التأويل، وهو أن يكون مأخوذًا من الغياية، وهي كل ما أظل الإنسان فوق رأسه من سحاب وغيره، ومنه سميت الراية غياية، فكأنه غطى عليه من جهله، وسترت مصالحه، وقد يمكن أن يكون أيضًا من الغي، وهو الانهماك في الشر، أو من الغي وهي الخيبة. قال تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} لأنه خائب من كل فضيلة (¬2).
وقولها: (كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ)، أي: كل داء من أدواء الناس فهو فيه، ومن أدوائه (¬3)، فقد اجتمعت فيه المعايب، فيحتمل أن يكون (داءٌ) خبرًا لـ (كل)، يعني: من كل داء في الناس فهو فيه، وأن يكون [له] (¬4) صفة لـ (داء) و (داء) خبر لـ (كل)، أي: كل داء فيه بليغ منتهاه، كما تقول: إن زيدًا رجل، وإن هذا الفرس فرس (¬5).
وقولها: (شَجَّكِ)، أي: أصاب شجك.
¬__________
(¬1) "مجمل اللغة" 1/ 592، 2/ 611.
(¬2) "بغية الرائد" ص 89 - 90.
(¬3) انظر: "غريب الحديث" 1/ 369.
(¬4) ساقطة من الأصول، ومثبتة من "الفائق".
(¬5) انظر: "الفائق" 3/ 51.

الصفحة 582