كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)

فالقليلة إذا فعل بها هذا كثرت مباركها. وقوله: المِزْهَر: العود؛ نَحْنُ نُنْكِرُهُ؛ لأن العرب كانوا لا يعرفون العود إلا من خالط الحضر منهم، والعود إنما أحدث بمكة والمدينة، والذي نذهب إليه أنه المُزْهِر، وهو الذي يَزْهَرُ النارَ للأضياف والطريق، فإذا سمعت صوت ذلك وحسه ومعمعة النار، أيقنت بالعقر (¬1).
وقال عياض: لا نعرف أحدًا رواه (المُزْهِر) كما قال النيسابوري، وإن كان يصح؛ لأن زهور السراج والنار تلألأ سَنَاها، والذي رواه الناس كلهم (المِزْهَر)، وهو الصواب.
قال: وقوله إن العرب لا تعرف العود إلا من خالط منهم الحضر، فمن أخبره أن المذكورات لم يخالطن الحضر؛ لأنا ذكرنا في بعض طرق هذا الحديث أنهن كن بقرية من قرى اليمن، والقرى مرتقى الحاضرة، وفي طريق: أنهن من مكة. مع أن العرب جاهليتها وإسلامها فيها بدويها وحضريها قد ذكرت في أشعارها المزاهر وأشباهها (¬2).
وقال الدوادي: هو الذي يضرب به، وكان للأضياف.
الوجه السادس عشر:
قول الحادية عشرة: (زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ فَمَا أَبُو زَرْعٍ). هو كقول العاشرة: (مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ).
وقولها: (وَأَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ) هو بتشديد الياء من أذني على التثنية.
¬__________
(¬1) انظر: "شرح ابن بطال" 7/ 302 - 303.
(¬2) "بغية الرائد" ص 112.

الصفحة 588