كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 24)

فصل:
فيه جواز المزح في بعض الأحيان، وإباحة المداعبة مع الأهل، وبسط الوجه مع جميع الناس بالكلام السهل الحلو، وكان - عليه السلام - يمزح ولا يقول إلا حقًّا، أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بإسناد جيد، بلفظ: قال: قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا قال: "إني لا أقول إلا حقًّا". ثم قال: حديث حسن (¬1). وأخرجه الزبير في "كتاب الفكاهة والمزاح" من هذا الوجه بلفظ: قالوا: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنك تداعبنا، قال: "إني وإن داعبتكم فإني لا أقول إلا حقًّا".
ورواه أيضًا مرسلًا عن بكر بن عبد الله المزني، وعن يحيى بن أبي كثير: كان رجل من الصحابة ضحاكًا، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما يعجبون، إنه ليدخل الجنة وهو يضحك" (¬2). وعن طلحة بن خراش وعبد الرحمن بن ثابت وعبد الله بن بسر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب فخذ الفاكه بن سكن وقال: "استعطي يا أم عمرة". وقال لأبي اليسر "يا أم اليسر". قالوا: فألقى الفاكه يده على فرجه لا يشك أنه عاد امرأة فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما لك؟ " فقال: ما شككت أني عدتُ امرأة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بشر أمزح معكم". وسماه من يومئذ الموقن.
وأما ما روي عن ذم المزاح والنهي عنه فيما روى ابن الأعرابي، عن المطين، عن ابن نمير، عن المحاربي، عن أبيه، عن عبد الملك، عن عكرمة، عن مولى يرفعه: "لا تمار أخاك ولا تمازحه" (¬3).
¬__________
(¬1) الترمذي (1995).
(¬2) رواه ابن أبي الدنيا في "مداراة الناس" (69)، من حديث يحيى بن أبي كثير.
(¬3) رواه الترمذي (1995) من طريق المحاربي، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الملك، عن عكرمة، عن ابن عباس. قال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

الصفحة 607