كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 24)

ثُمَّ فَاتِحْهُ حَتى تَسْأَلَهُ عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ لَكَ في الْعِلْمِ. قَال: فَلَقِيتُهُ: فَسَاءَلتُهُ. فَذَكَرَهُ لِي نَحْوَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ، في مَرَّتِهِ الأُولى.
قَال عُرْوَةُ: فَلَمَّا أَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ. قَالتْ: مَا أَحْسَبُهُ إلا قَد صَدَقَ. أَرَاهُ لَمْ يَزِدْ فِيهِ شَيئًا وَلَمْ يَنْقُصْ
ــ
من لقي يلقى من باب رضي أي فاستقبله (ثم فاتحه) أمر من فاتح الرباعي أي بادئه أنت أولًا بالكلام (حتَّى تسأله عن الحديث الَّذي ذكره لك في العلم) أي في شأن رفع العلم في العام الماضي (قال) عروة (فلقيته) أي لقيت عبد الله بن عمرو (فسألته) أي سألت عبد الله بن عمرو عن ذلك الحديث (فذكره) أي فذكر عبد الله بن عمرو ذلك الحديث (لي) حالة كونه (نحو) أي مثل (ما حدَّثني به في مرّته الأُولى) يعني في السنة الماضية قال أبو الأسود (قال عروة فلما أخبرتها بذلك) الحديث (قالت) عائشة (ما أحسبه) أي ما أحسب عبد الله بن عمرو ولا أظنه (إلا قد صدق) فيه ثم قالت عائشة (أراه) أي أرى عبد الله بن عمرو وأظنه (لم يزد فيه) أي في ذلك الحديث (شيئًا) من عند نفسه (و) أراه أيضًا (لم ينقص) منه أي من ذلك الحديث شيئًا.
قوله "أعظمت ذلك وأنكرته" قال النووي ليس معناه أنها اتهمته لكنها خافت أن يكون اشتبه عليه أو قرأه من كتب الحكمة فتوهّمه عن النبي صلى الله عليه وسلم فلما كرره مرة أخرى وثبت عليه غلب عليها ظنها أنَّه سمعه من النبي صلَّى الله عليه وسلم وكان عند عبد الله بن عمرو علمُ كثير من الكتب السالفة فوقع عند عائشة رضي الله عنها احتمال أنَّه حكى ذلك عنها أي عن الكتب السالفة ولذلك قالت أحدثك أنَّه سمع النبي صلَّى الله عليه وسلم يقول هذا اهـ منه.
قوله "فلقيته فسألته" ووقع في رواية سفيان بن عيينة عند الحميدي في مسنده قال عروة ثم لبثت سنة ثم لقيت عبد الله بن عمرو في الطواف فسألته فأخبرني به فأفاد أن لقاءه إيّاه في المرّة الثانية كان بمكة وكان عروة كان حج في تلك السنة من المدينة وحج عبد الله من مصر فبلغ عائشة ويكون قولها قد قدم أي من مصر طالبًا لمكة لا أنَّه قدم المدينة إذ لو دخلها للقيه عروة بها ويحتمل أن تكون عائشة حجت تلك السنة وحجَّ معها عروة فلقيه عروة بأمر عائشة اهـ من فتح الباري [١٣/ ٢٨٥] ثم انقراض العلماء المذكورين في الحديث إما باعتبار الأغلبية فلا ينافي أن يكون في الأمة عدة علماء يوثق

الصفحة 607