كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 25)

الأمر الثاني: وَرَدَ في لفظِ البخاريِّ في الرواية الأولى -ضمن سياق الحوار بين أبي موسى وابن مسعود- هذه العبارة: ((قُلْتُ: وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا؟ قَالَ: نَعَمْ))، هكذا جاءتْ هذه العبارة، وظاهرها أن القائلَ هو أبو موسى، والمجيبُ هو ابنُ مسعود، وجاءَ ذلك صريحًا في رواية أبي داود وغيره من طريق أبي معاوية، ولفظه: ((فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ))، فجعل القول لأبي موسى، والجواب لابن مسعود، وهذا يتعارض مع هذه الرواية الأخيرة التي فيها: ((فَقُلْتُ لِشَقِيقٍ: فَإِنَّمَا كَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ لِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ)).
ففي هذه الرواية أن القائلَ هو الأعمشُ، والمجيبُ شَقيقٌ، وهو ما رجَّحهُ الحافظُ ابنُ رَجبٍ وابنُ حَجرٍ.
فقال ابنُ رجبٍ -بعد ذكر الوجه الأول المتقدم-: "والثاني: أنه ذكر أن أبا موسى هو القائل لابن مسعود: إنما كرهتم هذا لهذا؟ ، فقال ابن مسعود: نعم. وقد صرّح بهذا في رواية أبي داود ... وإنما روى أصحابُ الأعمشِ، منهم: حفص بن غياث، ويعلى بن عبيد، وعبد الواحد بن زياد- أن السائلَ هو الأعمشُ، والمسئولُ هو شقيق أبو وائل" (الفتح لابن رجب ٢/ ٢٩١ - ٢٩١).
وقال الحافظُ ابنُ حَجرٍ: "قوله: ((قُلْتُ: وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا؟ ))، قائلُ ذلك هو شَقيقٌ، قاله الكرمانيُّ، وليس كما قالَ، بل هو الأعمشُ، والمقولُ له شقيق كما صرّح بذلك في رواية حفص التي قبل هذه" (فتح الباري ١/ ٤٥٦).
الأمر الثالث: وهو: أنه جعل ذكر أبي موسى لقصةِ عمَّارٍ متأخِّرًا عن احتجاجه بالآية، وفي رواية حفص بن غياث جعل احتجاجه بالآية متأخرًا

الصفحة 48