كتاب التعازي [والمراثي والمواعظ والوصايا]

قلت: هذه رحال إخوتي. فقالت: لقد ولدت لك أمك حزناً طويلاً. قالت: وصدقت بادية، ذهبت نفسي عليهم قطعاً. وأنشدت: الكامل
ذهبوا بنفسي أنفساً إذ فارقوا ... فالعيش بعد منغّصٌ مذموم
وقال عمر بن غياث: أخبرني الثقة قال: دفن أعرابي ابنا له، فلما أجنه وقف على قبره وأنشأ يقول: الكامل
لمّا مشى ورجوته لغدٍ ... وطمعت أن يقوى به أزري
ويكون من أعمامه خلفاً ... فيقول بعد تأطّرٍ ظهري
رشقته عن قوسٍ منيّته ... فغدا رهينة مظلم القعر
قد كان يضرب من مضى مثاً ... وجد الثّكول وكنت لا أدري
ما ذاك حتّى ذقت لوعته ... فألذّ منها لوعة الصّبر
وخرج رجل مع خالد بن الوليد بدومة الجندل، فاستشهد فجزع عليه أبوه فبكاه حتى كثر عليه بكاؤه، فليم في ذلك وعوتب، فقال: دعوني أبكي عليه ما أسعدتني عيني، فإن دموعها ستنفد وتبلى كما ذهب نافع وبلي. وقال يرثيه: الكامل
ما بال عيني لا تغمّض ساعةً ... إلاّ اعترتني عبرةٌ تغشاني

الصفحة 241