كتاب التعازي [والمراثي والمواعظ والوصايا]

بوجهٍ كأنّ البدر فوق جبينه ... وبذل لهى الأموال بالنّائل الغمر
وجودٍ يبذّ المجد والجود قبله ... ونور بهاءٍ كان أبهى من البدر
تزيد الليالي والخطوب ضياءه ... إذا غيّر البدر المحاق من الشّهر
ويبسط بالعرف العفاة تهلّلاً ... إذا كان بعض المنع بالنّظر الشّزر
فإنّك تغنى بالصّفات عن اسمه ... فلم تر إلاّ عارفاً غير ذي نكر
وإنّا لمعتادو رزايا عظيمةٍ ... نخاف بأدناهنّ قاصمة الظّهر
يظلّ لها منّا رجالٌ كأنّما ... تعالى على أكتافها فلق الصّخر
فنصبر حتّى تنجلي غمراتها ... إذا لم يكن في الصّبر عيبٌ على الحرّ
تجلّ مصيباتٌ وتعرو نوائبٌ ... ولا مثل ما أنحت علينا يد الدّهر
لقد عركتنا للزّمان ملمّةٌ ... أذّمت بمحمود الجلادة والصّبر
وذلك أنّ الصّبر أصبح بعده ... بمن كان ذا دينٍ ومعرفةٍ يزري
فلمّا رأيت الصّبر يزري بأهله ... وضاق بما قد جلّ من حدثٍ صدري
وأنّ البكا فخرٌ، بكيت بعولةٍ ... عليه لكيلا يعتليني أولو الفخر
وروّحت بعد اليأس والصّبر زفرةً ... تردّد ما بين الجوانح والصّدر
حنيناً كما حنّ اليراع يردّه ... حيازيم ضاقت للنّشيج الذي يفري
وخلّيت أسراب الدّموع فأمطرت ... بغير معيبٍ بالدّموع ولا نزر
وقلّ له منّا البكاء وقد بكت ... لنا الطير لو كانت مدامعها تجري
بكى الثّقلان الجنّ والإنس فقده ... وغيرهما من ساكني البرّ والبحر
وأقسم لولا خشية الله وحده ... ركبت بنفسي كلّ مستصعبٍ وعر
بموتك يا عبد الرّحيم بن جعفرٍ ... تزايل شعب الملك عن أفحش الكسر

الصفحة 266