كتاب التعازي [والمراثي والمواعظ والوصايا]

ولست بذي كهرورةٍ غير أنّني ... إذا طلعت أولى المغيرة أعبس
طماطم لا ربٌّ لهم يعرفونه ... وقد دربوا بالحرب أيّ دروب
وجونٍ نواجٍ منجياتٍ لواحقٍ ... تروح وتغدو غير ذات عكوب
الجون: السود. يعنى: الخيل. والعكوب: الغبار، وبه سمي عكابة
تساجلنا فيها المنايا عبيدنا ... بكلّ حسامٍ في العظام رسوب
أنسلبها غلباً ضوامن للقرى ... على سنواتٍ تعتري وجدوب
يعني النخل، والأغلب: الغليظ العنق.
جداولها في كلّ يومٍ وليلةٍ ... ذوات جمومٍ تحتها ونضوب
وما النخل في اجلاسا عن كواعبٍ ... يساقطن في ديمومةٍ وشيوب؟
وما في خيام الزّنج من حرّ أو وجهٍ ... ذوات وسومٍ فيهم وندوب
ولا ذو محاماةٍ ولا ذو حفيظةٍ ... ولكن رقيبٌ من وراء رقيب
على الثّمر المفجوع أربابه به ... على خطرٍ من مجتناه عجيب
يقولون حشرى قسا من مدافعٍ ... لدى مشهدٍ منّا ولا بمغيب؟
وقالوا تناسوها فليس بعائدٍ ... تجاور أحياءٍ بها وشعوب
وإنّي لأرجو أن أرى ذاك منهم ... وللدّهر أيّام.... وخطوب
نعت أرضنا الدّنيا إلينا وأدبرت ... بكلّ نعيمٍ في الحياة وطيب
وما كانت الدّنيا سوى البلد الّذي ... خلا اليوم من داعٍ به ومجيب
وما عيش هذا النّاس بعد ذهابه ... بعيشٍ ولا مغناهم برغيب
إذا الدّمع لم يسعد كئيباً فإنّني ... سأبكي وأبكي الدّهر كلّ كئيب
على دمنٍ جرّت بها الرّيح بعدنا ... ذيول البلى من شمألٍ وجنوب
وما كلّ بصريٍّ. شكا بمفنّدٍ ... ولا كلّ بصريٍّ بكى بمعيب
ولو أنّ بصريّاً بكى كنه شجوه ... بكى بدمٍ حتّى الممات صبيب
فمن مبلغٌ عنّي بريهاً ورهطه ... وما أنا في حبّيهم بمريب

الصفحة 275