كتاب التعازي [والمراثي والمواعظ والوصايا]

وسنملي بعقب ذكر مهلهل هذا خبر وقائعهم ليفهم مجرى هذه المراثي وما يتبعها من أمثالها من لم يفهمه، ليعلم أن هذه الأشعار بنيت على أساسات من حكم العرب، تفيد أمثالاً عجيبة ومذاهب غزيرةً وأقوالاً على أمور ينتفع بها في مثل ما قصدوا له وفي غيره من غير بابه. والحديث ذو شجون. وبالله الحول والقوة.
بكر وتغلب ابنا وائل شعبان ضخمان سادهما جميعاً كليب بن ربيعة التغلبي، وهو الذي يقال له كليب وائل، فيضرب به المثل، حتى ادعت ربيعة في كليب أن العرب كلها تنقاد لشرفها. وفيه يقول النابغة الجعدي لرجل من أهله بغى وتعدى يخوفه عدوان الظلم: الطويل
كليبٌ لعمري كان أكثر ناصراً ... وأهون ذنباً منك ضرّج بالدّم
رمى ضرع نابٍ فاستحرّ بطعنةٍ ... كحاشية البرد اليماني المسهّم
وكان سبب قتله على عزة من قومه ولحمته على أنه كان لا يرفع بحضره صوت ولا يسمع في ناديه كلمة خنا. وفي ذلك يقول المهلهل في مرثيته إياه: الكامل
ذهب الخيار من المعاشر كلّهم ... واستبّ بعدك يا كليب المجلس
وتنازعوا في أمر كلّ عظيمةٍ ... لو كنت حاضر أمرهم لم ينبسوا
ومهلهل أخو كليب واسمه عدي، وهما ابنا ربيعة، وكان مهلهل يسفهه كليب ويصفه بالغزل والتحدث إلى النساء يذمره بذلك فيقول: أنت زير نساء.

الصفحة 277