كتاب التعازي [والمراثي والمواعظ والوصايا]

ورائي، والله، أني قد طعنته طعنةً لتشتغلن منها شيوخ وائل رقصاً. قالت: أقتلت كليباً؟ قال: نعم. قالت: والله لوددت أنك وإخوتك كنتم متم قبل هذا. ما بي إلا أن يتناكد بي أبناء وائل.
وزعم مقاتل أن جساساً قال لأخيه نضلة بن مرة ويقال لهما اليوم عضدا الحمار: الوافر
وإني قد جنيت عليك حرباً ... تغصّ الشّيخ بالماء القراح
فأجابه أخوه نضلة بن مرة فقال:
فإن تك قد جنيت عليّ حرباً ... فلا وانٍ ولا رثّ السّلاح
وإنما ذكرنا أول هذه الوقائع والسبب الذي هيجها تطرقاً إلى مراثي مهلهل أخاه وقومه ليقع ذلك على معرفة عند من لم يكن عرفها.
قال المهلهل يرثي اخاه ويذكر أشراف من قتل به، وأن ذلك ليس بكفء: الوافر
أليلتنا بذي حسمٍ أنيري ... إذا أنت انقضيت فلا تحوري
فإن يك بالذّنائب طال ليلي ... فقد يبكى من اللّيل القصير
فلو نبش المقابر عن كليبٍ ... فيخبر بالذّنائب أيّ زير
معنى ذا أن كليباً كان يعير مهلهلاً فيقول: أنت زير نساء. وإنما يقال ذلك لمؤثر اللهو بالنساء والحديث إليهن على المساعي وطلب الذكر، وكان مهلهل أوقع بهم بالذنائب وقعة منكرة فيقول: لو رأى كليب ما صنعت لعلم أني غير زير.

الصفحة 284