كتاب التعازي [والمراثي والمواعظ والوصايا]

رواحة وكان قد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جيش مؤتة: الطويل
تأوّبني ليلٌ بيثرب أعسر ... وهمٌّ إذا ما نوّم النّاس مسهر
لذكرى حبيبٍ هيّجت لك عبرةً ... سفوحاً وأسباب البكاء التّذكّر
بلى، إنّ فقدان الحبيب بليّةٌ ... وكم من كريمٍ يبتلى ثمّ يصبر
رأيت خيار المؤمنين تواردوا ... شعوب وقد خلّفت فيمن يؤخّر
فلا يبعدنّ الله قتلى تتابعوا ... بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر
وزيدٌ وعبد الله حين تتابعوا ... جميعاً وأسباب المنيّة تخطر
غداة مضى بالمؤمنين يقودهم ... إلى الموت ميمون النّقيبة أزهر
أغرّ كضوء البدر من آل هاشمٍ ... أبيٌّ إذا سيم الظّلامة يجسر
فطاعن حتّى مات غير موسّدٍ ... بمعتركٍ فيه القنا تتكسّر
فصار مع المستشهدين ثوابه ... جنانٌ وملتفّ الحدائق أخضر
وكنّا نرى في جعفرٍ من محمّدٍ ... وقاراً وأمراً حازماً حين يأمر
وما زال في الإسلام من آل هاشمٍ ... دعائم عزٍّ لا ترام ومفخر
وهم جبل الإسلام والنّاس حولهم ... رضامٌ إلى طودٍ يروق ويقهر
بها ليل منهم جعفرٌ وابن أمّه ... عليٌّ، ومنهم أحمد المتخيّر
وحمزة والعبّاس منهم ومنهم ... عقيلٌ، وماء العود من حيث يعصر
بهم تفرح اللأواء في كلّ معركٍ ... عماسٍ إذا ما ضاق بالنّاس مصدر
هم أولياء الله أنزل حكمه ... عليهم وفيهم ذا الكتاب المطهّر
ومما يستحسنه الناس من المراثي ويخف على ألسنتهم قصيدة محمد بن مناذر الصبيري، مولى بني صبير بن يربوع في عبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفي حتى قد خلطوا في الرواية، وزاد بعضهم على بعض. ونحن نختار اختياراً منها تقع فيه الموعظة الحسنة من قول المخلوقين، والكلام المرضي من ذلك، وهي التي أولها: الخفيف
كلّ حيٍّ لاقي الحمام فمود ... ما لحيٍّ مؤمّلٍ من خلود
لا تهاب المنون حيّاً ولا تب ... قي على والدٍ ولا مولود

الصفحة 290