كتاب التعازي [والمراثي والمواعظ والوصايا]

يقدح الدّهر في شماريخ رضوى ... ويحطّ الصّخور من هبّود
يزعمون أنه غلظ في هذا، وأن هبود حفيرة، وليس كما قالوا، إنما الحفيرة هبوب. والذي قال هو: هبود. وذكروا أنها أكمة.
ولقد تترك الحوادث والأيّ ... ام وهياً في الصّخرة الصّيخود
ليس يبقى على الحوادث حيٌّ ... غير وجه المهيمن المعبود
ومما استحسنت منها ولم أرذل غيره، قوله:
أين ربّ الحصن الحصين بسورا ... ء وربّ القصر المنيف المشيد
شاد أركانه وبوّبه با ... بي حديدٍ وحفّه بجنود
كان يجبى إليه ما بين صنعا ... ء فمصرٍ إلى قرى يبرود
وترى حوله زرافات خيلٍ ... جافلاتٍ تعدو بمثل الأسود
فرمى شخصه فأقصده الدّه ... ر بسهمٍ من المنايا سديد
ثمّ لم ينجه من الموت حصنٌ ... دونه خندقٌ وبابا حديد
وملوكٌ من قبله عمروا الأر ... ض أعينوا بالنّصر والتّأييد
فلو أنّ الأيام أخلدن حيّاً ... لعلاءٍ أخلدن عبد المجيد
ما درى نعشه ولا حاملوه ... ما على النّعش من عفافٍ وجود
ويح أيدٍ حثت عليه وأيدٍ ... دفنته، ما غيّبت في الصّعيد
غيّبت في الصّعيد حزماً وعزماً ... ولزاز الخصم الألدّ العنود
إنّ عبد المجيد يوم تولّى ... هدّ ركناً ما كان بالمهدود
هدّ ركني عبد المجيد وقد كن ... ت بركنٍ منه أبوء شديد
حين تمّت آدابه وتردّى ... برداءٍ من الشبّاب جديد
وسمت نحوه العيون وما كا ... ن عليه لزائدٍ من مزيد
وكأنّي أدعوه وهو قريبٌ ... حين أدعوه من مكانٍ بعيد
ولئن كنت لم أمت من جوى الحز ... ن عليه، لأبلغن مجهودي
لأقيمنّ مأتماً كنجوم ... اللّيل زهراً يلطمن حرّ الخدود
موجعاتٍ يبكين للكبد الحرّ ... ى عليه وللفؤاد العميد

الصفحة 291