كتاب التعازي [والمراثي والمواعظ والوصايا]

الأئمة، ثم جعلته علماً والعلم: الجبل، فلم تقتصر على ذلك حتى جعلت في رأسه ناراً، شهرةً في الكرم، وناراً على علم في الهداية.
وقول الله عز وجل: وله الجواري المنشآت في البحر كالأعلام إنما هي الجبال. وقال جرير: الرجز
إذا قطعن علماً بدا علم
ومن عجيب ما قيل قول النابغة في حصن بن حذيفة إكباراً لشأنه، واستعظاما لموته، وتعجباً من ذهاب مثله: الطويل
يقولون حصنٌ ثمّ تأبى نفوسهم ... وكيف بحصنٍ والجبال جنوح؟
ولم تلفظ الموتى القبور ولم تزل ... نجوم السّماء والأديم صحيح
فعمّا قليلٍ ثمّ جاء نعيّه ... فظلّ نديّ الحيّ وهو ينوح
وذكرنا أوساً ومراثيه في فضالة بن كلدة الأسدي. وكان من خبره معه أنه قصده من أرض بني تميم، فلما قارب منزله، جالت به ناقته فرمت به فكسرت فخذه. فأقام ليلته مكانه لا يريم حتى إذا أصبح نظر وهو في عام خصيب إلى جوار من صبيات بني أسد، قد خرجن يجتنين الكمأة، فجعل ينسبهن حتى وقف على ابنة فضالة، فقال لها: خذي هذا الحجر فأتي به أباك، فقولي له: قد زارك ابن هذا، وخبريه بحالي، فلما أتته قال:

الصفحة 62