كتاب التعازي [والمراثي والمواعظ والوصايا]

وأخبرنا أبو الحسن عمن حدثه عن مسلمة قال: لما مات عبد الملك كشف أبوه عن وجهه وقال: رحمك الله يا بني، سررت بك يوم بشرت بك، ولقد عمرت مسروراً بك وما أتت علي ساعة أنا بك فيها أسر مني بك من ساعتي هذه، أما والله إن كنت لتدعو أباك إلى الجنة.
وتحدث المدائني عن سليمان بن أرقم أن عمر بن عبد العزيز قال لأبي قلابة وكان ولي غسل ابنه: إذا غسلته وكفنته فآذني به قبل أن تغطي وجهه. فنظر إليه فقال: رحمك الله يا بني وغفر لك.
وتحدث عن يحيى بن إسماعيل بن أبي المهاجر عن أبيه قال: استشهد ابن لأبي أمامة الحمصي فكتب عمر إلى أبي أمامة: الحمد لله على آلائه وقضائه وحسن بلائه. فقد بلغني الذي ساق الله إلى عبد الله بن أبي أمامة من الشهادة، فقد عاش بحمد الله في الدنيا مأموناً، وأفضى إلى الآخرة شهيداً، وقد وصل إليكم من الله خير كثير إن شاء الله.
وتحدث عن جعفر بن هلال بن حباب عن أبيه قال: كتب عمر إلى عماله: إن عبد الملك بن عمر كان عبداً من عبيد الله أحسن إليه وإلى أبيه فيه، أعاشه ما شاء ثم قبضه إليه. وكان ما علمت والله به أعلم خيراً، من صالحي شباب أهل بيته قراءةً للقرآن وتحرياً للخير. وأعوذ بالله أن تكون لي محبة في شيء من الأمور تخالف محبة الله، فإن ذلك لا يحسن بي في إحسانه إلي، وتتابع نعمه علي. وقد قلت عند الذي كان بما أمر الله عز وجل أن أقول عند المصيبة ثم لم أجد بحمد الله إلا خيراً، ولا أعلم ما بكت عيه باكية، ولا ناحت عليه نائحة، ولا اجتمع لذلك أحد، فقد نهينا أهله الذين هم أحق بالبكاء عليه.

الصفحة 90