كتاب زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه

وأخبث هذه الأقوال وأكثرها فساداً قول جهم ومن اتبعه أن الإيمان مجرد المعرفة القلبية فإن لازم هذا القول أن يكون إبليس وفرعون وغيرهما من رءوس الضلال مؤمنين كاملي الإيمان، ثم يليه في الفساد قول الكرامية أن الإيمان هو قول اللسان فقط، ويلي هذا القول قول مرجئة الفقهاء أن الإيمان اعتقاد في القلب وقول باللسان.
وجميع هذه الأقوال مباينة للحق مخالفة للصواب الوارد في الكتاب والسنة، والمنقول عن سلف الأمة في تعريف الإيمان وأنه شامل للأقوال والاعتقادات والأعمال، وقد ذكرت من أدلتهم على ذلك آنفاً ما يكفي في بيان المقصود ويفي ببيان المنشود، فإذا علم أن قولهم هو الحق الذي لا ريب فيه يعلم أن قول غيرهم هو الباطل الذي لا ريب فيه، وبطلانه وفساده يكون بحسب بعده عن الحق الوارد في الكتاب والسنة.
ثم ليعلم في ختام هذا القول المقتضب في أقوال الناس في تعريف الإيمان أن الخطأ في اسم الإيمان ليس كالخطأ في اسم محدث ولا كالخطأ في غيره من الأسماء، لأن أحكام الدنيا والآخرة متعلقة باسم الإيمان والإسلام والكفر والنفاق1، وهذا يؤكد وجوب فهم الإيمان فهماً صحيحاً مستمداًً من الكتاب والسنة دون إفراط أو تفريط، وقد أثبت فيما سبق أنه لا صواب في ذلك غير قول أهل السنة والجماعة، وبالله التوفيق.
__________
1 انظر الفتاوى لابن تيمية (7/ 395) ولوامع الأنوار البهية للسفاريني (1/430) .

الصفحة 27