كتاب رؤوس المسائل للزمخشري

واحتج الشافعي بقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ... فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬1)، فالله تعالى أوجب الطهارة والتيمم عند القيام إلى الصلاة، ثم قبل دخول الوقت لا يلزمه القيام، فكذلك التيمم، وجب أن لا يلزمه (¬2).

مسألة: 20 - حكم تيمم الحاضر
للحاضر يجوز له التيمم لخوف فوت صلاة الجنازة والعيدين (¬3) عندنا، وعند الشافعي: لا يجوز (¬4).
دليلنا في المسألة: وهو أن خوف فوت الفعل آكد من خوف فوت الوقت (¬5)، ثم أجمعنا على أن التيمم يجوز عند خوف فوت الوقت (¬6)، فلخوف فوت الفعل أولى.
¬__________
(¬1) سورة المائدة: آية 6.
(¬2) راجع الأدلة بالتفصيل: المجموع 2/ 264، 265.
(¬3) انظر: القدوري، ص 5؛ تحفة الفقهاء 1/ 74؛ الهداية 1/ 15.
(¬4) انظر: مختصر المزني، ص 7؛ المهذب 1/ 41 الوجيز 1/ 18.
(¬5) انظر: تحفة الفقهاء 1/ 74.
(¬6) إيراد الإجماع على جواز التيمم عند خوف فوت الوقت في غير محله؛ لأنه لا يجوز عند أحد المذهبين: التيمم للمقيم لخوف فوت الوقت، ولكنه يتوضأ ويصلي فائتة.
انظر: مختصر الطحاوي، ص 20؛ القدوري، ص 5؛ الهداية 1/ 27؛ المهذب 1/ 41؛ الوجيز 1/ 18؛ المجموع 2/ 281 - 283.
واستثنى الأحناف الصلاتين المذكورتين؛ لأنهما لا تقضيان ولا تعادان فيتحقق العجز.
واستدل الأحناف من النقل بما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه أتي بجنازة وهو على غير وضوء فتيمم ثم صلّى عليها)، ونحوه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال البيهقي في المعرفة في رواية ابن عمر: "وهذا لا أعلمه إلا من هذا الوجه فإن كان محفوظًا فإنه يحتمل أن يكون ورد في سفر، وإن كان الظاهر بخلافه، وقال في السنن: "في إسناده ضعف"، وقال فيما روى عن ابن عباس: "إنه لا يصح عنه إنما هو قول عطاء".
انظر: السنن الكبرى 1/ 230، 231؛ شرح فتح القدير 1/ 138؛ واعتمدوا أيضًا على أصل: "أن كل ما يفوت لا إلى بدل جاز أداؤه بالتيمم مع وجود الماء". شرح العناية على الهداية، مع شرح فتح القدير 1/ 138.

الصفحة 114