كتاب رؤوس المسائل للزمخشري

مسألة: 23 - الجمع بين فريضتين بتيمم واحد
المتيمم يجوز له أن يجمع بين فريضتين بتيمم واحد عندنا (¬1)، وعند الشافعي: لا يجوز (¬2).
دليلنا، قوله - صلى الله عليه وسلم -: "التيمم وضوء المسلم ولو إلى عشر حجج" (¬3)، فجعل حكم التيمم كحكم الوضوء, بالوضوء يجوز الجمع بين فريضتين، فكذلك في التيمم، وجب أن يجوز.
واحتج الشافعي، بقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (¬4) فأمر بغسل الوجه عند القيام إلى الصلاة فالآية مطلقة (¬5) أمر بالطهارة عند القيام إلى الصلاة، والطهارة إنما تكون بالماء، وتارة بالتراب (¬6).
¬__________
= انظر: السنن الكبرى 1/ 214؛ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم 1/ 504؛ تهذيب اللغة، مادة: (صعد).
(¬1) انظر: القدوري، ص 5؛ تحفة الفقهاء 1/ 91.
(¬2) انظر: الأم 1/ 47؛ المهذب 1/ 43؛ الوجيز 1/ 21؛ المنهاج، ص 7.
(¬3) الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والبيهقي في سننهم من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وقد سبق تخريجه في المسألة (19)، ص 113.
(¬4) سورة المائدة: آية 6.
(¬5) في الأصل: (مطلقة أمر، أمر الطهارة).
(¬6) وأظهر من هذا ما ذكره النووي في وجه الاستدلال بالآية، بقوله: "فاقتضى وجوب الطهارة عند كل صلاة، فدلت السنة على جواز صلوات بوضوء فبقي التيمم على مقتضاه"، وذكر أيضًا أدلة أخرى؛ المجموع 1/ 324.
منشأ الخلاف في هذه المسألة، هو: أن الأصل عند الأحناف "أن التيمم بدل مطلق، وليس بضروري، يعني به: أن الحدث يرتفع بالتيمم إلى وقت وجود الماء، في حق الصلاة المؤداة، لا أن تباح له مع قيام الحدث للضرورة.
وعند الشافعي، هو: بدل ضروري، ويعني به: أن تباح له الصلاة بالتيمم مع قيام الحدث حقيقة، وجعل عدمًا شرعًا بضرورة صحة الصلاة، بمنزلة طهارة المستحاضة". انظر: تحفة الفقهاء 1/ 89، 90.

الصفحة 117