كتاب رؤوس المسائل للزمخشري

مسألة: 34 - حكم الوطء قبل الغسل لأكثر الحيض
المرأة إذا انقطع دمها لأكثر الحيض (¬1) يحل للزوج وطئها عندنا (¬2)، وعند الشافعي: لا يحل ما لم تتطهر بالماء (¬3).
دليلنا في المسألة: وهو أنا أجمعنا على أن المرأة إذا انقطع دمها يلزمها الصوم (¬4)، فوجب أن لا يمنع الوطء، كما إذا كان بعد الغسل.
واحتج الشافعي، بقول الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (¬5) والطهارة لا تحصل إلا بالاغتسال (¬6).
¬__________
= وقال النووي في استدلال الشافعية لما يجزئ في المسح: "واحتج أصحابنا بأن المسح ورد مطلقًا، ولم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تقدير واجبه شيء فتعين الاكتفاء بما ينطلق عليه الاسم". انظر: المجموع 1/ 567؛ الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 1/ 207.
(¬1) الحيض لغة: السيلان، ومنه يقال: حاضت السمرة إذا سال صمغها، وحاضت المرأة: حيضًا ومحيضًا، وحيضتها: نسبتها إلى الحيض، والمرة حيضة، والجمع: حِيَض مثل: ضيعة وضيع، وخيمة وخيم، والقياس: حيضات مثل: بيضة وبيضات.
انظر: معجم مقاييس اللغة، المصباح المنير، مادة: (حيض)، وشرعًا: "اسم لدم خارج من الرحم لا يعقب الولادة، مقدر بقدر معلوم في وقت معلوم" البدائع 1/ 167.
(¬2) انظر: القدوري، ص 6؛ الهداية 1/ 32؛ شرح فتح القدير 1/ 171.
(¬3) انظر: الأم 1/ 59؛ المهذب 1/ 45؛ التنبيه، ص 16؛ المنهاج، ص 8؛ المجموع 2/ 380، 381.
(¬4) راجع: المراجع السابقة للمذهبين.
(¬5) سورة البقرة: آية 222، وتمامها: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}.
(¬6) واستدلالهم بالآية بقراءة التشديد في قوله: {يطهّرن}؛ لأنهما صريحة في اشتراط الغسل.
وقال الشافعي رحمه الله تعالى: "وكان مبينًا في قول الله عز وجل: {حتى يطهرن} أنهن حيّض في غير حال الطهارة وقضى الله على الجنب: أن لا يقرب الصلاة حتى يغتسل، فكان مبينًا: أن لا مدة لطهارة الجنب إلا الغسل، ولا مدة لطهارة الحائض إلا ذهاب الحيض ثم الغسل، =

الصفحة 128