كتاب رؤوس المسائل للزمخشري

احتج الشافعي، بقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} (¬1). فالله تعالى أمر بالصلاة عقيب زوال الشمس، ولو كان التأخير جائزًا لما أمره، وظاهر الأمر يدل على الوجوب (¬2).

مسألة: 46 - أثر الإغماء في سقوط الصلاة
الإغماء إذا زاد عندنا: على يوم وليلة يسقط فرض الصلاة، وإذا كان أقل من ذلك لا يسقط (¬3)، وعند الشافعي: يسقط قل أو كثر (¬4).
لنا في ذلك: "ما روى عن عمار بن ياسر أنه أغمي عليه ففاته أربع صلوات وقضاهن على الولاء والترتيب" (¬5)، ولم ينقل
¬__________
(¬1) سورة الإسراء: آية 78.
(¬2) راجع المراجع الأصولية السابقة للشافعية.
أصل الخلاف وفائدته:
الظاهر أن حقيقة الخلاف بين المذهبين: في الفرق، بين الوجوب نفسه وبين وجوب الأداء، فالحنفية يفصلون بينهما، والشافعية: لا يفرقون بين العبارتين في العبادات البدنية.
وفائدة الخلاف تظهر: في المرأة إذا حاضت في آخر الوقت، لا يلزمها قضاء تلك الصلاة عند الأحناف؛ لأن وجوب الأداء لم يوجد.
وعند الشافعية: "إن أدركت من أول الوقت مقدار ما تصلي فيه ثم حاضت يلزمها قضاؤها".
انظر المسألة بالتفصيل: كشف الأسرار 1/ 221؛ حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 189.
(¬3) انظر: مختصر الطحاوي، ص 24؛ المبسوط 1/ 217.
(¬4) انظر: المهذب 1/ 85؛ وشرحه المجموع 3/ 8.
(¬5) الأثر أخرجه البيهقي عن يزيد مولى عمار: "أن عمار بن ياسر أغمي عليه في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأفاق نصف الليل فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء"، قال ابن التركماني: "سكت عنه البيهقي - وسنده ضعيف وهو مخالف للباب". السنن الكبرى مع الجوهر النقي 1/ 387، 388.
وانظر أدلة الأحناف بالقياس في المبسوط 1/ 267.

الصفحة 139