 
	    كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 3)
مَنْ يَنْظُرُ إِلَى رَبِّهِ, لِكَمَالِ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَيَرَى حَالَهُمْ وَيَسْمَعُ مَقَالَهُمْ, فَطَرَحُوا النُّفُوسَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَقْبَلُوا بِكُلِّيَّتِهِمْ عَلَيْهِ وَالْتَجَئُوا مِنْهُ إِلَيْهِ وَعَاذُوا بِهِ مِنْهُ وَأَحَبُّوهُ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ فَامْتَلَأَتْ بِنُورِ مَعْرِفَتِهِ فَلَمْ تَتَّسِعْ لِغَيْرِهِ, فَبِهِ يُبْصِرُونَ وَبِهِ يَسْمَعُونَ وَبِهِ يَبْطِشُونَ وَبِهِ يَمْشُونَ, وَبِرُؤْيَتِهِمْ يُذْكَرُ اللَّهُ تَعَالَى وَبِذِكْرِهِ يُذْكَرُونَ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي, فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي, وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٌ مِنْهُمْ, وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا, وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا, وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" 1.
وَقَالَ رَحِمَهُ الله تعالى: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسول الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ, وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلي مما افترضته عَلَيْهِ, وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا, وَإِنْ سَأَلَنِي لأعطينه ولئن عاذ بي لَأُعِيذَنَّهُ, وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نفس عبدي الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مُسَاءَتَهُ" 2.
ذَكَرُوا اللَّهَ تَعَالَى فَذَكَرَهُمْ, وَشَكَرُوهُ فَشَكَرَهُمْ, وَتَوَلَّوْهُ وَوَالَوْا فِيهِ فَتَوَلَّاهُمْ, وَعَادُوا أَعْدَاءَهُ لِأَجْلِهِ فَآذَنَ بالحرب من عادهم, وَأَحْسَنُوا عِبَادَةَ رَبِّهِمْ فَأَحْسَنَ جَزَاءَهُمْ وَأَجْزَلَهُ, عَبَدُوهُ عَلَى قَدْرِ مَعْرِفَتِهِمْ بِهِ فَجَازَاهُمْ بِفَضْلِهِ وَزَادَهُمْ {لِلَّذِينَ
__________
1 البخاري "13/ 511-512" في التوحيد، باب ذكر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وروايته عن ربه، ومسلم "4/ 2061/ ح2675" في الذكر والدعاء، باب الحث على ذكر الله تعالى.
2 البخاري "11/ 340-341" في الرقاق، باب التواضع. وقد تقدم.
الصفحة 1001