كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 3)

عَلَى تُفَاضِلِ أَهْلِ الْإِيْمَانِ فِيهِ, وَأَمَّا الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ فَدَلَالَتُهُ عَلَيْهَا مَفْهُومًا لَا مَنْطُوقًا, وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ "رَأَيْتُ النَّاسَ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ" الْحَدِيثَ. وَفِيهِ "وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ" قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الدِّينَ"1 ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عُمَرَ فِي نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [الْمَائِدَةِ: 3] وَدَلَالَتَهَا عَلَى ذَلِكَ مَنْطُوقًا, وَعَلَى ذَلِكَ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليهود نزلت لاتخدنا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا, قَالَ: أَيُّ آيَةٍ. قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [الْمَائِدَةِ: 3] قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمْعَةٍ2. وَعَلَى ذَلِكَ تَرْجَمَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ, وَسَاقُوا فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ تَتَضَمَّنُهُ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا, قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّيْمِيُّ وَقَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيْدِيِّ قَالَ: وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ. مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ, فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ
__________
1 البخاري "7/ 43" في فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب وفي الإيمان والتعبير، ومسلم "4/ 1859/ ح2390" فيه، باب من فضائل عمر، رضي الله عنه. والنسائي "8/ 113" في الإيمان، باب زيادة الإيمان.
2 البخاري "1/ 105" في الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه وفي المغازي، باب حجة الوداع، وفي تفسير سورة المائدة، باب "اليوم أكملت لكم دينكم" وفي الاعتصام في فاتحته، ومسلم "4/ 2312/ ح3017" في أول التفسير، والترمذي "5/ 250/ ح3043" في التفسير، باب ومن سورة المائدة، والنسائي "8/ 114" في الإيمان، باب زيادة الإيمان "5/ 250" في الحج، باب ما ذكر في يوم عرفة.

الصفحة 1006