كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 3)

وَالْأَوْلَادَ الصِّغَارَ فَنَسِينَا كَثِيرًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا. فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا ذَاكَ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ, فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ؛ نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "والذي نفسي يده أَنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ, وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ, سَاعَةً وَسَاعَةً" ثَلَاثُ مَرَّاتٍ1.
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ حَنْظَلَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَعَظَنَا فَذَكَرَ النَّارَ. قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الْبَيْتِ فَضَاحَكْتُ الصِّبْيَانَ وَلَاعَبْتُ الْمَرْأَةَ. قَالَ: فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ. قَالَ: وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا تَذْكُرُ. فَلَقِينَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَافَقَ حَنْظَلَةُ. فَقَالَ: "مَهْ" فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا فَعَلَ. فَقَالَ: "يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً سَاعَةً, وَلَوْ كَانَتْ تَكُونُ قُلُوبُكُمْ كَمَا تَكُونُ عِنْدَ الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُسَلِّمَ عَلَيْكُمْ فِي الطُّرُقِ" 2. وَمِنْ طَرِيقٍ ثَالِثٍ فَذَكَرْنَا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ الْحَدِيثَ3.
وَعَلَى هَذَا إِجْمَاعُ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَدِّ بِإِجْمَاعِهِمْ, وَأَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ, وَإِذَا كَانَ يَنْقُصُ بِالْفَتْرَةِ عَنِ الذِّكْرِ فَلِأَنْ يَنْقُصَ بِفِعْلِ الْمَعَاصِي مِنْ بَابِ أَوْلَى كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَيَانُهُ قَرِيبًا.
2- تُفَاضُلُ أَهْلِ الْإِيمَانِ:
وَأَهْلُهُ فِيهِ عَلَى تَفَاضُلٍ ... هَلْ أَنْتَ كَالْأَمْلَاكِ أَوْ كَالرُّسُلِ
هَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ, وَهِيَ تَفَاضُلُ أَهْلِ الْإِيمَانِ فِيهِ, كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ
__________
1 مسلم "4/ 2106/ ح2750" في التوبة، باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة.
2, 3 مسلم "4/ 2107/ ح2750" في التوبة، باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة.

الصفحة 1007