كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 3)
وَحَدِيثَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ" 1.
وَحَدِيثَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ, وَالدَّيُّوثُ وَرَجْلَةُ النِّسَاءِ" 2.
وَحَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ, وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ, وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى" 3 وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ قَتَلَ نَفْسَا مُعَاهِدَةً بِغَيْرِ حَقِّهَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ أَنْ يَشُمَّ رِيحَهَا" 4.
ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مَعْنَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَيْ: بَعْضَ الْجِنَانِ؛ إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَعْلَمَ أَنَّهَا جِنَانٌ مِنْ جَنَّةٍ, وَاسْمُ الْجَنَّةِ وَاقِعٌ عَلَى كُلِّ جَنَّةٍ مِنْهَا, فَمَعْنَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرَهَا مِنْ فِعْلِ كَذَا لِبَعْضِ الْمَعَاصِي حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ أَوْ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ مَعْنَاهُ لَا يَدْخُلُ بَعْضَ الْجِنَانِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى وَأَشْرَفُ وَأَنْبَلُ وَأَكْثَرُ نَعِيمًا وَسُرُورًا وَبَهْجَةً وَأَوْسَعُ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ لَا يَدْخُلُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْجِنَانِ الَّتِي هِيَ فِي الْجَنَّةِ, وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَدْ بَيَّنَ خَبَرَهُ الَّذِي رَوَى عَنِ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
"لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ وَلَا مَنَّانٌ وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ" 5, إِنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ حَظِيرَةَ الْقُدُسِ مِنَ الْجَنَّةِ عَلَى مَا تُأُوِّلَتْ عَلَى أَحَدِ
__________
1 ابن خزيمة في التوحيد "ص363"، والبخاري "10/ 414" في الأدب، باب إثم القاطع، ومسلم "4/ 1981/ ح2556" في البر والصلة، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها.
2 ابن خزيمة في التوحيد "ص363-364". ولم يروه من حديث عمر إلا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس. وقد تكلم فيه جماعة من جهة حفظه. والحديث صحيح من رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهو الآتي.
قال الحاكم: والقلب أميل إلى التي لم يذكر في إسنادها عمر.
3 ابن خزيمة في التوحيد "ص364" وأحمد في المسند "2/ 134" والنسائي "5/ 80" في الزكاة، باب المنان بما أعطى، وابن حبان في صحيحه "9/ 218 -إحسان" والحاكم في المستدرك "4/ 147" و"1/ 72".
4 ابن خزيمة في التوحيد "ص365". ورواه أبو داود "ح2760" في الجهاد، باب في الوفاء للمعاهد. والنسائي "8/ 24-25" القسامة، باب تعظيم قتل المعاهد. ورواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في الجهاد، باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم.
5 سبق ذكره.
الصفحة 1035