كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 3)
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الفيل. قال: وَسَأَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قُبَاثَ بْنَ أَشْيَمَ أَخَا بَنِي يَعْمَرَ بن ليث: أنت أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنِّي, وَأَنَا أَقْدَمُ مِنْهُ فِي الْمِيلَادِ. قَالَ: وَرَأَيْتُ خَذْقَ الْفِيلِ أَخْضَرَ مُحِيلًا1. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ الْمُطَهَّرَهْ ... هِجْرَتُهُ لِطِيبَةَ الْمُنَوَّرَهْ
بَعْدَ أَرْبَعِينَ بَدَا الْوَحْيُ بِهِ ... ثُمَّ دَعَا إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ
عَشْرَ سِنِينَ أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا ... رَبًّا تَعَالَى شَأْنُهُ وَوَحِّدُوا
وَكَانَ قَبْلَ ذَاكَ فِي غَارِ حِرَا ... يَخْلُو بِذِكْرِ رَبِّهِ عَنِ الْوَرَى
"مَوْلِدُهُ" صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "بِمَكَّةَ الْمُطَهَّرَهْ" مِنْ كُلِّ رِجْسٍ حِسًّا وَمَعْنًى "هِجْرَتُهُ" صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لِطِيبَةَ" الْمَدِينَةِ "الْمُنَوَّرَةِ" وَكَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي الصُّحُفِ الَّتِي بَشَّرَتْ بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَغَيْرِهِمَا, وَالْآيَاتُ فِي ذَلِكَ وَالدَّلَائِلُ عَلَى ذَلِكَ لَا تُحْصَى. ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا بَشَّرَتْ, فَوُلِدَ بِمَكَّةَ وَأُوحِيَ إِلَيْهِ فِيهَا وَبُعِثَ بِالدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ فِيهَا. ثُمَّ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
بَدْءُ الْوَحْيِ:
"بَعْدَ أَرْبَعِينَ" سَنَةً مِنْ عُمْرِهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "بَدَأَ الْوَحْيُ" مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ "بِهِ" صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ, لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ, أَزْهَرَ اللَّوْنِ, لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ, لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلَا سَبْطٍ رَجِلٍ, بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ"2 الْحَدِيثَ.
__________
1 الترمذي "5/ 589/ ح3619" في المناقب، باب ما جاء في ميلاد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "4/ 215" دون الشطر الثاني وابن إسحاق في السيرة "1/ 159" والحاكم في المستدرك "2/ 603" وقال على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وسنده حسن. وابن إسحاق صرح بالتحديث فيه. والشطر الثاني أخرجه الحاكم "3/ 625" من سؤال عبد الملك لقباث. قال ابن جرير: المعروف ما أسنده البغوي أن عبد الملك هو الذي سأل قباث وبذلك جزم عبد الصمد وابن سميع ورواه أبو نعيم في الدلائل "ح84". وحذفه: أي: روث.
2 البخاري "6/ 564" في المناقب، باب صفة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومسلم "4/ 1824/ ح2347" في الفضائل، باب في صفة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومبعثه وسنه.
الصفحة 1052