كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 3)

عِبَادِي"1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا. قُلْتُ: وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ إِدْرِيسَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ, هَذَا قَدْ يُشْكِلُ؛ لَانَ إِدْرِيسَ مِنْ آبَائِهِ؛ وَالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ "نَحْنُ مَعَاشِرِ الْأَنْبِيَاءِ أَبْنَاءُ عِلَّاتٍ" 2. الْخَ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَالِكٍ -يَعْنِي أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ "أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ, فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ, فَقَالَ آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ, فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ, وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ. فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ حَتَّى أَفَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ. ثُمَّ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوّ إِيمَانًا وَحِكْمَةً فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ -يَعْنِي عُرُوقَ حَلْقِهِ- ثُمَّ أَطْبَقَهُ. ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ. قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: محمد. قالوا: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ, قَالُوا: فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا, فَيَسْتَبْشِرُ أَهْلُ السَّمَاءِ لَا يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ, فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ, فَسَلَّمَ وَرَدَّ عَلَيْهِ آدَمُ وَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا يَا بُنَيَّ, نِعْمَ الِابْنُ أَنْتَ. فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ, فَقَالَ: مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا النِّيلُ وَالْفُرَاتُ. ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ, فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ, فَقَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي خَبَأَ لَكَ
__________
1 البخاري "7/ 201-202" في مناقب الأنصار، باب المعراج، وفي بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، وفي الأنبياء باب قول الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى، إِذْ رَأى نَارًا} ، وباب قول الله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} ومسلم "1/ 149-150/ ح164" في الإيمان، باب الإسراء برسول الله, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2 البخاري "6/ 477-478" في الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} ومسلم "4/ 1837/ ح2365" في الفضائل، باب فضائل عيسى عليه السلام.

الصفحة 1061