كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 3)
عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ, لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ" 1 وَفِي حَدِيثِ الْخَصَائِصِ, "وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً" 2, وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا وَاتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لضللتم" 3 وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لوكان مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي" 4 وَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عِيسَى يَنْزِلُ حَكَمًا بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقِيمُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-5 فَلَا نَاسِخَ وَلَا مُغَيِّرَ لِشَرِيعَتِهِ, وَلَا يَسَعُ أَحَدًا الْخُرُوجَ عَنْهَا. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
[اخْتِصَاصُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعُمُومِ الرِّسَالَةِ] :
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اخْتَصَّهُ بِعُمُومِ الرِّسَالَةِ إِلَى الثَّقَلَيْنِ, وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْ أَحَدٍ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا إِلَّا بِاتِّبَاعِهِ, وَلَا يَصِلُ أَحَدٌ دَارَ السَّلَامِ الَّتِي دَعَا اللَّهُ إِلَيْهَا عِبَادَهُ إِلَّا مِنْ طَرِيقِهِ, فَهُوَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْرَمُ الرُّسُلِ, وَأُمَّتُهُ خَيْرُ الْأُمَمِ, وَشَرِيعَتُهُ أَكْمَلُ الشَّرَائِعِ, وَكِتَابُهُ مُهَيْمِنٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ أُنْزِلَ, لَا نَسْخَ لَهُ بَعْدَهُ وَلَا تَغْيِيرَ, وَلَا تَحْوِيلَ وَلَا تَبْدِيلَ وَأَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْآيَاتِ الْبَاهِرَةِ الَّتِي
__________
1مسلم "1/ 134/ ح153" في الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته.
2 البخاري "1/ 436" في التيمم، في فاتحته، وفي المساجد، باب قول النبي, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا". وفي الجهاد، باب قول النبي, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أحلت لكم الغنائم"، ومسلم "1/ 370/ ح521" في المساجد، في فاتحته.
3 أحمد "3/ 471 و4/ 266" من حديث عبد الله بن ثابت عن عمر، وسنده حسن ويشهد له الذي بعده.
4 رواه الدارمي "1/ 115-116" من حديث جابر عن عمر رضي الله عنهما وفيه مجالد بن سعيد, وقد تغير بآخرة والحديث يشهد له الذي قبله.
5 انظر صحيح مسلم "1/ 135" في الإيمان "باب نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الصفحة 1099