كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 3)

فَيَا حَامِدًا مَعْنًى بصورة عاقل ... أمالك مِنْ قَلْبِ شَهِيدٍ وَلَا سَمْعِ
يَحِنُّ إِلَيْهِ الْجِذْعُ شَوْقًا وَمَا لَنَا ... أَلَسْنَا بِذَاكَ الشَّوْقِ أَوْلَى مِنَ الْجِذْعِ
وَمِنْهَا تَسْبِيحُ الطَّعَامِ وَتَكْثِيرُ الْقَلِيلِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, وَنَبْعُ الْمَاءِ مِنْ أَصَابِعِهِ الشَّرِيفَةِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كُنَّا نَعُدُّ الْآيَاتِ بَرَكَةً, وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا. كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ: "اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ" فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ, فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ قَالَ: "حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ" فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ" وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِإِنَاءٍ وَهُوَ بِالزَّوْرَاءِ فَوَضْعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ أَصَابِعِهِ فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ, قَالَ: وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ أَوْ زُهَاءَ ثَلَاثِمِائَةٍ"2.
وَعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ, فَجَهِشَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ: "مَا لَكُمْ" قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَا نَتَوَضَّأُ وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ. فَوَضْعَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَفُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ, فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا. قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا, كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً"3, وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا حَتَّى لَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً, فَجَلَسَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى شَفِيرِ الْبِئْرِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَجَّ فِي الْبِئْرِ, فَمَكَثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ, ثُمَّ اسْتَقَيْنَا حتى روينا ورويت وَأَصْدَرَتْ رَكَائِبُنَا"4. وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ
__________
1 البخاري "6/ 587" في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام.
2 البخاري "6/ 581" في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "4/ 1783/ ح2279" في الفضائل، باب معجزات النبي, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3 البخاري "6/ 581" في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، وفي المغازي، باب غزوة الحديبية، وفي تفسير سورة الفتح، باب "إذ يبايعونك تحت الشجرة"، وفي الأشربة، باب شرب البركة والماء المبارك، ومسلم "3/ 1483/ ح1856" في الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام بجيش عند إرادة القتال.
4 البخاري "6/ 581" في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، وفي المغازي، باب غزوة الحديبية.

الصفحة 1102