كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 1)
طَبَقَةٌ أُخْرَى 1:
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ فِي عَقِيدَتِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَحَقِّ مَا بَدَى وَأَوْلَى مَنْ شُكِرَ وَعَلَيْهِ أُثْنِي, الْوَاحِدُ الصَّمَدُ لَيْسَ لَهُ صَاحِبَةٌ وَلَا وَلَدٌ, جَلَّ عَنِ الْمِثْلِ فَلَا شَبِيهَ لَهُ وَلَا عَدِيلَ, السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ الْمَنِيعُ الرَّفِيعُ عَالٍ عَلَى عَرْشِهِ فَهُوَ دَانٍ بِعِلْمِهِ مِنْ خَلْقِهِ, وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ وَمِنَ اللَّهِ, لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ فَيَبِيدُ, وَقُدْرَةُ اللَّهِ وَنَعْتُهُ وَصِفَاتُهُ كَلِمَاتٌ غَيْرُ مَخْلُوقَاتٍ. دَائِمَاتٌ أَزِلِّيَّاتٌ, لَيْسَ مُحْدَثَاتٍ فَتَبِيدُ, وَلَا كَانَ رَبُّنَا نَاقِصًا فَيَزِيدُ, جَلَّتْ صِفَاتُهُ عَنْ شُبَهِ الْمَخْلُوقِينَ, عَالٍ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ. وَذَكَرَ ذَلِكَ الْمُعْتَقِدُ وَقَالَ: لَا يَصِحُّ لِأَحَدٍ تَوْحِيدٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ بِصِفَاتِهِ, قُلْتُ: مِثْلُ أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: سَمِيعٌ بَصِيرٌ عَلِيمٌ قَدِيرٌ, رَوَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ. وَسُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِيَعْلَمَ الْعَبْدُ أَنَّ اللَّهَ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ"2 فَقَالَ: يُرِيدُ أَنَّ اللَّهَ عِلْمُهُ مُحِيطٌ بِكُلِّ مَا كَانَ وَاللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الجهمية: باب قول الله تَعَالَى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ ارْتَفَعَ, وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي اسْتَوَى: عَلَا عَلَى الْعَرْشِ, وَقَالَتْ زَيْنَبُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: زَوَّجَنِي اللَّهُ مِنْ فوق سبع سموات3. ثُمَّ إِنَّهُ بَوَّبَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَكْثَرِ مَا تُنْكِرُهُ الْجَهْمِيَّةُ مِنَ الصِّفَاتِ مُحْتَجًّا بِالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَسُئِلَ عَنْ تَفْسِيرِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} فَغَضِبَ وَقَالَ: تَفْسِيرُهُ كَمَا تَقْرَأُ هُوَ عَلَى عَرْشِهِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ, مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي أُصُولِ
__________
1 هذه الطبقة كذلك هي في العلو للذهبي فانظره وانظر مختصره.
2 رواه الطبراني في الصغير "1/ 200" والبيهقي في السنة "4/ 95" وسنده صحيح وجود إسناده ابن حجر في التلخيص وأصل الحديث عند أبي داود بغير هذه اللفظة بسند منقطع.
3 البخاري "13/ 403". والحديث تقدم وهو عنده في الكتاب والباب.
الصفحة 193