كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 1)

أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ -أَوْ عِكْرِمَةَ- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ أَحْبَارَ يَهُودَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمَدِينَةِ: يَا مُحَمَّدُ أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} إِيَّانَا تُرِيدُ أَمْ قَوْمَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كِلَاكُمَا" قَالُوا: أَلَسْتَ تَتْلُو فِيمَا جَاءَنَا أَنَّا قَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاةَ فِيهَا تِبْيَانٌ لِكُلِّ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ قَلِيلٌ وَعِنْدَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَكْفِيكُمْ"1, وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيمَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ ذلك: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} الْآيَةَ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ2، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ لَا مَكِّيَّةٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} أَيْ: عَزِيزٌ قَدْ عَزَّ كُلَّ شَيْءٍ وَقَهَرَهُ وَغَلَبَهُ, فَلَا مَانِعَ لِمَا أَرَادَ وَلَا مُخَالِفَ لِأَمْرِهِ وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ, حَكِيمٌ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَشَرْعِهِ وجميع شئونه ا. هـ.3. وَعَنْ جُوَيْرِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ فَقَالَ: "مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ " قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْأَرْبَعَةُ4. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ؟ قَالَ: "أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ
__________
1 سنده ضعيف محمد بن أبي محمد مجهول, لم يرو عنه سوى ابن إسحاق رحمه الله, قال الذهبي: لا يعرف "التهذيب 9/ 384".
ومن طريق ابن إسحاق عن رجل من أهل مكة عن سعيد عنه به رواه ابن جرير الطبري "21/ 81" وعزاه السيوطي لابن أبي حاتم "الدر المنثور 6/ 526-527".
2 رواهما ابن جرير "21/ 81-82" وهما مرسلان وفي حديث عطاء مجهول وهو الذي تقدم.
3 ابن كثير "تفسيره 3/ 460-461".
4 مسلم "4/ 2090/ ح2726" في الذكر والدعاء، باب التسبيح أول النهار وعند النوم.
والترمذي "5/ 556/ ح3555" في الدعوات، باب في دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأبو داود "12/ 81/ ح1503" في الوتر، باب التسبيح بالحصى. والنسائي "3/ 77" في السهو, باب نوع آخر من عدد التسبيح وفي عمل اليوم والليلة "ح162".
وابن ماجه "2/ 1251/ ح3808" في الأدب، باب فضل التسبيح.
وأحمد 1/ 258 و353 و6/ 325، 430. وابن حبان "الإحسان 2/ 99".

الصفحة 257