كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 1)
إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ1. وَلِلْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لَا تَعْقِلُوا, إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ رَجُلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ جَعْدٌ أَعْوَرُ مَطْمُوسُ الْعَيْنِ لَيْسَتْ بِنَاتِئَةٍ وَلَا حَجْرَاءَ, فَإِنِ الْتَبَسَ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ, وَأَنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا"2 وَقَالَ الصَّاغَانِيُّ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ أَرْطَأَةَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِالْمَدَائِنِ, فَجَعَلَ يَعِظُ حَتَّى بَكَى وَأَبْكَى ثُمَّ قَالَ: كُونُوا كَرَجُلٍ قَالَ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ: يَا بُنَيَّ أُوصِيكَ أَنْ لَا تُصَلِّيَ صَلَاةً إِلَّا ظَنَنْتَ أَنَّكَ لَا تُصَلِّي بَعْدَهَا غَيْرَهَا حَتَّى تَمُوتَ, وَتَعَالَ يَا بُنَيَّ نَعْمَلْ عَمَلَ رَجُلَيْنِ كَأَنَّهُمَا قَدْ وُقِفَا عَلَى النَّارِ ثُمَّ سَأَلَا الْكَرَّةَ وَلَقَدْ سَمِعْتُ فُلَانًا -نَسِيَ عَبَّادٌ اسْمَهُ- مَا بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرُهُ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمْ مِنْ مَخَافَتِهِ مَا مِنْهُمْ مَلَكٌ تَقْطُرُ دَمْعَتُهُ مِنْ عَيْنِهِ إِلَّا وَقَعَتْ مَلَكًا يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى, قَالَ: وَمَلَائِكَةٌ سُجُودٌ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَمْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ وَلَا يَرْفَعُونَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ, وَصُفُوفٌ لَمْ يَنْصَرِفُوا عَنْ مَصَافِّهِمْ وَلَا يَنْصَرِفُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ, فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَتَجَلَّى لَهُمْ رَبُّهُمْ فَنَظَرُوا إِلَيْهِ قَالُوا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ كَمَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَعْبُدَكَ"3. فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُرَى فِي الْآخِرَةِ كَمَا يَشَاءُ, وَأَنَّ الشُّهَدَاءَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ يَرَوْنَهُ, وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَرَوْنَهُ, وَأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرَاهُ عِنْدَ اسْتِئْذَانِهِ فِي الشَّفَاعَةِ, وَأَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَرَّهُمْ وَفَاجِرَهُمْ يَرَوْنَهُ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ, وَهِيَ لِلْفَاجِرِ وَالْمُنَافِقِ ابْتِلَاءٌ وَامْتِحَانٌ وَنَوْعٌ مِنَ الْعُقُوبَةِ, وَأَمَّا رُؤْيَةُ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ وَالتَّلَذُّذِ بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهِيَ
__________
1 ورواه ابن أبي عاصم في السنة "ح427" والطبراني في الكبير "18/ 319/ ح825" والدارقطني في الرؤية "ق123 أ، ب" وسنده صحيح ورجاله ثقات.
2 أحمد "5/ 324" ورواه أبو داود "ح4320" وابن أبي عاصم في السنة "ح428" والآجري في الشريعة "ص375" واللالكائي "ح848". وسنده فيه بقية وقد صرح بالتحديث.
3 رواه الخطيب في تاريخه "12/ 306-307" من طريق الصاغاني عنه به وقد تحرف الصاغاني في المطبوع إلى الصنعاني والمصنف قد تابع هذا التصحيف من المطبوع في حادي الأرواح وعباد بن منصور يدلس وقد صرح بالتحديث. والجمهور على توهينه من جهة حفظه.
الصفحة 333