كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)
لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ، وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الْأَنْفَالِ: 38-40] وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا} [التَّوْبَةِ: 5] ، يَعْنِي: رَجَعُوا عن الشرك إلى التوحيد {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ فِي الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالْأَنْفَالِ وَالتَّوْبَةِ وَالْقِتَالِ وَالْحَدِيدِ وَالصَّفِّ وَغَيْرِهَا, وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ, وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ, وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ, فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ, وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" 1 الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ, وَلَوْ ذَهَبْنَا نَذْكُرُ آيَاتِ الْجِهَادِ وَأَحَادِيثَهُ لَطَالَ الْفَصْلُ, وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهَا.
"وَهَكَذَا" كَمَا كُلِّفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِهَادِ الْكُفَّارِ "أُمَّتُهُ" الْمُسْتَجِيبُونَ لَهُ "قَدْ كُلِّفُوا بِذَا" أَيِ: الَّذِي كُلِّفَ بِهِ "وَفِي نَصِّ الْكِتَابِ" الْقُرْآنِ "وُصِفُوا" أَيْ: بِذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} [الْفَتْحِ: 29] الْآيَةَ. وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [الْمَائِدَةِ: 54] وَالْآيَاتِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا, وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ إِلَّا قَوْلُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ
__________
1 البخاري "1/ 75" في الإيمان، باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة, فخلوا سبيلهم.
ومسلم "1/ 53/ ح22" في الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله.
من حديث ابن عمر وفي الباب من حديث عمر بن الخطاب وأوس بن حذيفة والنعمان بن بشير وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وأبي هريرة, رضي الله عنهم.
الصفحة 409