كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ قَلْبَ ابْنِ آدَمَ لِكُلِّ وَادٍ شُعْبَةٌ, فَمَنْ أَتْبَعَ قَلَبَهُ الشُّعَبَ كُلَّهَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ بِأَيِّ وَادٍ هَلَكَ, وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ كَفَاهُ الشُّعَبَ"1, وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ.
"كَذَا الرَّجَاءُ" أَيْ: وَمِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ الرَّجَاءُ, قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الْكَهْفِ: 110] وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الْعَنْكَبُوتِ: 5] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ، أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يُونُسَ: 7] وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ, وَفِي الْحَدِيثِ: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي, فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ" 2. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ, فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً, فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ, وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنِ النَّارَ" 3, وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَاءِ الْمَكْرُوبِ: "اللِّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو, فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي وَلَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ" الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ4.
"وَرَغْبَةٌ وَرَهْبَةٌ خُشُوعُ" أَيْ: وَمِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ الرَّغْبَةُ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الثَّوَابِ وَهِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى الرَّجَاءِ, وَالرَّهْبَةِ مِمَّا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعِقَابِ وَهِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى مَعْنَى الْخَوْفِ. وَالْخُشُوعُ هُوَ التَّذَلُّلُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, قَالَ تَعَالَى فِي
__________
1 ابن ماجه "2/ 1395/ ح4166" في الزهد، باب التوكل واليقين. قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف، صالح بن رزيق ليس له إلا هذا الحديث, قال في الميزان: حديثه منكر "مصباح الزجاجة 3/ 285".
2 تقدم ذكره.
3 البخاري "11/ 301" في الرقاق، باب الرجاء مع الخوف.
4 أبو داود "4/ 324/ ح5090" في الأدب، باب ما يقول إذا أصبح, وأحمد "5/ 42" وإسناده حسن.

الصفحة 448