كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

تَعَالَى الَّذِي سَمَّوْهُ لَهُ تَرَكُوهُ لَهُ, وَمَا دَخَلَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَقِّ عَمِّ أَنَسٍ رَدُّوهُ عَلَيْهِ. وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ خَوْلَانَ يُقَالُ لَهُمُ: الْأَدِيمُ, وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيمَا يَذْكُرُونَ: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الْأَنْعَامِ: 136] ، قَالَ: وَكَانَ لِبَنِي مَلْكَانَ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ: سَعْدٌ, صَخْرَةٌ بِفَلَاةٍ مِنْ أَرْضِهِمْ طَوِيلَةٌ, فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَلْكَانَ بِإِبِلٍ لَهُ مُؤَبَّلَةٍ لِيَقِفَهَا عَلَيْهِ الْتِمَاسَ بَرَكَتِهِ فِيمَا يَزْعُمُ, فَلَمَّا رَأَتْهُ الْإِبِلُ -وَكَانَتْ مَرْعِيَّةً لَا تُرْكَبُ وَكَانَ يُهْرَاقُ عَلَيْهِ الدِّمَاءُ- نَفَرَتْ مِنْهُ فَذَهَبَتْ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَغَضِبَ رَبُّهَا الْمَلْكَانِيُّ فَأَخَذَ حَجَرًا فَرَمَاهُ بِهِ وَقَالَ: لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ, نَفَّرْتَ عَلَيَّ إِبِلِي. ثُمَّ خَرَجَ فِي طَلَبِهَا حَتَّى جَمَعَهَا, فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ لَهُ قَالَ:
أَتَيْنَا إِلَى سَعْدٍ لِيَجْمَعَ شَمْلَنَا ... فَشَتَّتَنَا سَعْدٌ فَلَا نَحْنُ مِنْ سَعْدِ
وَهَلْ سَعْدٌ الَّا صَخْرَةٌ بِتَنُوفَةٍ ... مِنَ الْأَرْضِ لَا تَدْعُو لِغَيٍّ وَلَا رُشْدِ
وَكَانَ لِدَوْسٍ صَنَمٌ لِعَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ الدَّوْسِيِّ. قَالَ: وَكَانَ لِقُرَيْشٍ وَبَنِي كِنَانَةَ العزى بنخلة وكان سَدَنَتُهَا وَحُجَّابُهَا بَنُو شَيْبَانَ مِنْ سُلَيْمِ حُلَفَاءَ أَبِي طَالِبٍ1, قُلْتُ: فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَهَدَمَهَا2. قَالَ: وَكَانَتِ اللَّاتُ لِثَقِيفٍ بِالطَّائِفِ وَكَانَ سدنتها وحجابها بنو مُعَتِّبٍ مِنْ ثَقِيفٍ. قَالَ: وَكَانَ مَنَاةُ لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ وَمَنْ دَانَ بِدِينِهِمْ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُشَلَّلِ بِقَدِيدٍ, وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهَا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَهَدَمَهَا وَيُقَالُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ ذُو الْخَلَصَةِ لِدَوْسٍ وَخَثْعَمٍ وَبَجِيلَةَ وَمَنْ كَانَ بِبِلَادِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ بِتَبَالَةَ, فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
__________
1 سيرة ابن هشام "1/ 82-85".
2 ذكرها ابن القيم في إغاثة اللهفان "2/ 214" من رواية أبي صالح عن ابن عباس, وهو ضعيف يرسل.
3 ابن هشام "1/ 88", والبداية والنهاية "2/ 192".

الصفحة 466