كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)
وَجْهَ اللَّهِ وَيُحِبُّ أَنْ يُحْمَدَ؟ فَقَالَ عُبَادَةُ: لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ, إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: "أَنَا خَيْرُ شَرِيكٍ, فَمَنْ كَانَ له معي شريك فَهُوَ لَهُ كُلُّهُ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ"1. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمَسِيحِ عِنْدِي "؟ قَالَ: قُلْنَا: بَلَى قَالَ: "الشِّرْكُ الْخَفِيُّ, أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي لِمَقَامِ الرَّجُلِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ2. وَفِيهِ رِوَايَةٌ: "يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَيْهِ"3. وَلَهُ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنْ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أيها الناس ما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مِنَ الشَّهْوَةِ الْخَفِيَّةِ وَالشِّرْكِ" فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ: اللَّهُمَّ غُفْرًا, أَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَدَّثَنَا أَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ, أَمَّا الشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ فَقَدْ عَرِفْنَاهَا هِيَ شَهَوَاتُ الدُّنْيَا مِنْ نِسَائِهَا وَشَهَوَاتِهَا, فَمَا هَذَا الشِّرْكُ الَّذِي تُخَوِّفُنَا بِهِ يَا شَدَّادُ؟ فَقَالَ شَدَّادٌ: أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ رَأَيْتُمْ رَجُلًا يُصَلِّي لِرَجُلٍ أَوْ يَصُومُ لِرَجُلٍ أَوْ يَتَصَدَّقُ, أَتَرَوْنَ أَنَّهُ قَدْ أَشْرَكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ وَاللَّهِ, إِنَّ مَنْ صَلَّى لِرَجُلٍ أَوْ صَامَ أَوْ تَصَدَّقَ لَهُ لَقَدْ أَشْرَكَ. فَقَالَ شَدَّادٌ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ صَلَّى يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ, وَمَنْ صَامَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ, وَمَنْ تَصَدَّقَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ" قَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ عِنْدَ ذَلِكَ: أَفَلَا يَعْمِدُ اللَّهُ إِلَى مَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ كُلِّهِ, فَيَقْبَلُ مَا خَلَصَ مِنْهُ وَيَدَعُ مَا أُشْرِكَ بِهِ؟ فَقَالَ شَدَّادُ عِنْدَ ذَلِكَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: أَنَا خَيْرُ قَسِيمٍ لِمَنْ أَشْرَكَ بِي, مَنْ أَشْرَكَ بِي شَيْئًا فَإِنَّ عَمَلَهُ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ لِشَرِيكِهِ الَّذِي أَشْرَكَ بِهِ, أَنَا عَنْهُ غَنِيٌّ" 4. وَلَهُ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ بَكَى فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَأَبْكَانِي, سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي: الشِّرْكَ وَالشَّهْوَةَ الْخَفِيَّةَ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُشْرِكُ
__________
1 رواه ابن أبي حاتم في تفسيره "ابن كثير 3/ 114" وشهر بن حوشب, صاحب أوهام ويرسل.
ورواه الطبري في تفسيره "16/ 40".
2، 3 أحمد "3/ 30" وابن ماجه "2/ 1406/ ح4204" في الزهد، باب الرياء والسمعة, وسنده حسن.
4 أحمد "4/ 125، 126" وفيه شهر بن حوشب, وللحديث شواهد عدة صحيحة.
الصفحة 490