كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)
عُكَيْمٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ عَلَّقَ شَيْئًا وُكِّلَ إِلَيْهِ" وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ1. وَعَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَتْ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا جَاءَ مِنْ حَاجَةٍ فَانْتَهَى إِلَى الْبَابِ تَنَحْنَحَ وَبَزَقَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَهْجُمَ مِنَّا عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ, قَالَتْ: وَإِنَّهُ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَتَنَحْنَحَ وَعِنْدِي عَجُوزٌ تَرْقِينِي مِنَ الْحُمْرَةِ, فَأَدْخَلْتُهَا تَحْتَ السَّرِيرِ, قَالَتْ: فَدَخَلَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِي فَرَأَى فِي عُنُقِي خَيْطًا فَقَالَ: مَا هَذَا الْخَيْطُ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: خَيْطٌ رُقِيَ لِي فِيهِ, فَأَخَذَهُ فَقَطَعَهُ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ آلَ عَبْدِ اللَّهِ لَأَغْنِيَاءُ عَنِ الشِّرْكِ, سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ" قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ: لِمَ تَقُولُ هَذَا وَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تَقْذِفُ فَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ يَرْقِيهَا, فَكَانَ إِذَا رَقَاهَا سَكَنَتْ؟! فَقَالَ: إِنَّمَا ذَاكَ مِنَ الشَّيْطَانِ, كَانَ يَنْخَسُهَا بِيَدِهِ فَإِذَا رَقَاهَا كَفَّ عَنْهَا, إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكِ أَنْ تَقُولِي كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ, اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي, لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ, شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا" رَوَاهُ أَحْمَدُ2. وَرَوَى جُمْلَةَ الدَّلَالَةِ مِنْهُ عَلَى الْبَابِ أَبُو دَاوُدَ3, أعني الجملة مرفوعة إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ: الرُّقَى هِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْعَزَائِمُ وَخَصَّ مِنْهُ الدَّلِيلُ مَا خَلَا مِنَ الشِّرْكِ, فَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَيْنِ وَالْحُمَّةِ, وَالتَّمَائِمُ: شَيْءٌ يُلْقُونَهُ عَلَى الْأَوْلَادِ عَنِ الْعَيْنِ, وَالتِّوَلَةُ: شَيْءٌ يَصْنَعُونَهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يُحَبِّبُ الْمَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا وَالرَّجُلَ إلى امرأته ا. هـ.4. وَقَوْلُهُ فِي الرُّقَى: وَخَصَّ مِنْهَا الدَّلِيلُ مَا خَلَا عَنِ الشِّرْكِ ... إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى مَا سَنَذْكُرُهُ بِقَوْلِنَا:
__________
1 أحمد "4/ 310" والترمذي "4/ 403/ ح2073" في الطب، باب ما جاء في كراهية التعليق. وعبد الله بن عكيم أدرك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يره "التهذيب "5/ 283" وقال الترمذي: وحديث عبد الله بن عكيم إنما نعرفه من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
"ومحمد سيئ الحفظ جدا".
وقال: وفي الباب عن عقبة بن عامر.
قلت: قد تقدم, فالحديث صحيح لشواهده.
2، 3 أحمد "1/ 381" ورواه أبو داود "4/ 9/ ح3882" في الطب، باب في تعليق التمائم, وإسناده حسن.
4 فتح المجيد شرح كتاب التوحيد "ص133".
الصفحة 500