كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

[الْكَلَامُ عَنِ الرُّقَى]
ثُمَّ الرُّقَى مِنْ حُمَّةٍ أَوْ عَيْنِ ... فَإِنْ تَكُنْ مِنْ خَالِصِ الْوَحْيَيْنِ
فَذَاكَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ وَشِرْعَتِهْ ... وَذَاكَ لَا اخْتِلَافَ فِي سُنِّيَّتِهْ
"ثُمَّ الرُّقَى" إِذَا فُعِلَتْ "مِنْ حُمَّةٍ" وَهِيَ تُطْلَقُ عَلَى لَدْغِ ذَوَاتِ السُّمُومِ كالحية والعقرب وغيرهما "أَوْ عَيْنِ" وَهِيَ مِنَ الْإِنْسِ كَالنَّفْسِ مِنَ الْجِنِّ وَهِيَ حَقٌّ وَلَهَا تَأْثِيرٌ لَكِنْ لَا تَأْثِيرَ لَهَا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} [الْقَلَمِ: 51] الْآيَةَ, فَسَّرَهُ بِإِصَابَةِ الْعَيْنِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا1. وَفِي تَحْقِيقِهَا أَحَادِيثُ: فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْعَيْنُ حَقٌّ, وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقُ الْقَدَرِ سَبَقَتِ الْعَيْنُ, وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا" 2. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ" أَخْرَجَاهُ3. وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْعَيْنُ حَقٌّ" 4. وَلِأَحْمَدَ عَنْهُ أَيْضًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْعَيْنُ حَقٌّ, وَيُحْضِرُهَا الشَّيْطَانُ وَحَسَدُ ابْنِ آدَمَ" 5. وَلَهُ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَصْدَقُ الطِّيَرَةِ الْفَأْلُ, وَالْعَيْنُ حَقٌّ" 6. وَلَهُ هُوَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
__________
1 الطبري "29/ 29" وابن كثير "4/ 436".
2 مسلم "4/ 1719/ ح2188" في السلام، باب الطب والمرض والرقى.
3 البخاري "10/ 203" في الطب، باب العين حق، وفي اللباس، باب الواشمة.
ومسلم "4/ 1719/ ح2187" في السلام، باب الطب والمرض والرقى.
4 أحمد "2/ 487" وابن ماجه "2/ 1159/ ح3507" في الطب، باب العين.
وفي سنده مضارب بن حزن, قال عنه الحافظ: مقبول "إذا توبع وإلا فلين". قلت: قد توبع مع توثيق ابن حبان والعجلي, وقد روى عنه جماعة فحديثه حسن إن شاء الله تعالى. والحديث له شواهد وقد تقدم منها.
5 أحمد "2/ 239" قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح "المجمع 5/ 110".
قلت: نعم ولكنه مقطوع, فهو من رواية مكحول عن أبي هريرة ولم يلقه. والشطر الأول صحيح لشواهده.
6 أحمد "2/ 289-487" والسند الأول من رواية محمد بن قيس المدني قاص عمر بن عبد العزيز عن أبي هريرة وهو مرسل, والثاني قد تقدم وأنه حسن, والحديث له شواهد عدة صحيحة, وقد تقدم بعضها.

الصفحة 501