كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنَّ بَنِي جَعْفَرَ تُصِيبُهُمُ الْعَيْنُ, أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ؟ قَالَ: "نَعَمْ فلو كان شيء يُسْبَقُ الْقَدَرُ, لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ" 1. وَلِأَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا هَامَ, وَالْعَيْنُ حَقٌّ, وَأَصْدَقُ الطِّيَرَةِ الْفَأْلُ" 2. وَلَهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ, حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْحَرَّارِ مِنَ الْجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ, وَكَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ, فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ -أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ- وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ! فَلِيطَ سَهْلٌ, فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ, وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَلَا يُفِيقُ؟ قَالَ: "هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مَنْ أَحَدٍ "؟ قَالُوا: نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ, فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ: "عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ" ثُمَّ قَالَ لَهُ: "اغْتَسِلْ لَهُ" فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَرْفِقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ, ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ, فَصَبَّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ ثُمَّ يَكْفَأُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ, فَفَعَلَ ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ3. وَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: انْطَلَقَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يُرِيدَانِ الْغُسْلَ, قَالَ: فَانْطَلَقَا يَلْتَمِسَانِ الْخَمَرَ قَالَ: فَوَضَعَ عَامِرٌ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ صُوفٍ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَأَصَبْتُهُ بِعَيْنِي, فَنَزَلَ الْمَاءَ يَغْتَسِلُ قَالَ: فَسَمِعْتُ لَهُ فِي
__________
1 أحمد "6/ 438" والترمذي "تحفة الأحوذي: 6/ 219، 220/ ح2136، 2137" في الطب، باب ما جاء في الرقية من العين، وابن ماجه "2/ 1160/ ح3510" في الطب، باب من استرقى من العين, والنسائي في الكبرى "تحفة الأشراف ح15758" والحديث حسن فيه عبيد بن رفاعة, روى عنه عدة, ووثقه ابن حبان والعجلي.
2 أحمد "5/ 70" وفيه حية بن حابس التميمي, قال عنه الحافظ: مقبول "إذا توبع وإلا فلين" وسنده فيه اضطراب. انظر الإصابة "1/ 272" في ترجمة حابس بن ربيعة, والصحيح في الحديث أنه عن حابس لا عن أبي هريرة, وقد رواه أحمد "5/ 70" وأبو داود "ح2062" وغيرهما. والحديث له شواهد عدة.
3 أحمد "3/ 486, 487" وسنده صحيح, ورواه مالك في الموطأ "2/ 228" وابن ماجه "3509" وعبد الرزاق "19766" والطبراني "ح5575" وغيره.

الصفحة 502