كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 1)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
خلاصة القول في تفسير البسملة:
شَرْحُ مُقَدِّمَةِ الْمَنْظُومَةِ:
أَبْدَأُ بِاسْمِ اللَّهِ مُسْتَعِينًا ... رَاضٍ بِهِ مُدَبِّرًا مُعِينًا
"أَبْدَأُ" فِي جَمِيعِ حَرَكَاتِي وَسَكَنَاتِي وَأَقْوَالِي وَأَعْمَالِي وَفِي شَأْنِي كُلِّهِ وَمِنْهُ هَذَا التَّصْنِيفُ "بَاسْمِ اللَّهِ" مُتَبَرِّكًا وَ"مُسْتَعِينًا" بِهِ أَوْ إِيَّاهُ بِالْبَاءِ وَبِدُونِهِ أَيْ: طَالِبًا مِنْهُ الْعَوْنَ عَلَى فِعْلِ طَاعَتِهِ وَتَرْكِ مَعْصِيَتِهِ, كَمَا قَالَ تَعَالَى مُعَلِّمًا لَنَا فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الْفَاتِحَةِ: 5] وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِابْنِ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ" 1 وَهُوَ خِطَابٌ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ, وَفِي ضِمْنِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْوَاقِعِ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ نَهْيٌ لَنَا عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا خَالِقَ لِلْعِبَادِ وَأَفْعَالِهِمْ غَيْرُهُ تَعَالَى, فَإِذَا كَانَ الْمَخْلُوقُ لَا يَقْدِرُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ إِلَّا بِمَا أَقْدَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تُطْلَبَ الْإِعَانَةُ مِنْهُ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ وَالْعَاقِلُ يَفْهَمُ ذَلِكَ بَادِئَ بَدْءٍ.
__________
1 رواه الترمذي "4/ 667/ ح2516" في صفة القيامة، باب رقم 59 وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وأحمد "ح 2669 و2763 و2804" نسخة أحمد شاكر.

الصفحة 65